أما ارتفاع ذلك الجبل عن سطح البحر المحيط فهو ١٨٠٠ متر وعن سطح البحيرة المتقدم ذكرها ١٣٦٣ متراً، ويطرق هذا الجبل كثير من الغرباء لحسن موقعه، وجمال منظره ويبيتون بذروته في أوتيلات إلى الصباح كي ينظروا محاسن الطبيعة عند شروق الشمس، ولما كنت خبيراً بحسن إشراقها، وجمال أشعتها أيام عهدي بالوطن العزيز قصدت النزول والانحدار إلى نقطة أخرى، فقلتني ضمن السياحين عربة بخارية كالسابقة وانحدرت بنا، وكل يجد من نفسه كأنه يميل إلى الوقوع، لا سيما مذ تعرض لنا في الطريق مَهْوى عميق، سارت العربة فوقه على قضبان كأنها الجسر، وينحدر فيه غدير انحداراً قوياً، وعرض ذلك المهوى ٣٦ متراً.
ولا تسلني عن السيدات والأطفال وقتئذ، وقد استمسك كل بالآخر يضحكهم الخوف ويطربهم الفزع، ولم نزل نعجب ونطرب حتى استقامت لنا السبيل، فنزلنا في بلدة
يقال لها أرت ومنها إلى قطار سار بنا على عجل قاصدين مدينة تسوريخ مركز الفنون والصنائع.
[استقبال في تسوريخ]
فنزلت بها، وقد آذنت الشمس بالغروب، وبت بها ليلتئذ متفكراً في أعمال الوسائط التي تمكنني من مشاهدة مدارسها، واستكشاف أحوالها، وطرق تعليمها، ولما أصبح الصباح علمت أن بهذه المدينة مكتباً أقامته الحكومة والأهالي للغرباء الذين يريدون الاستفهام عن الأحوال التجارية أو الصناعية