تقلنا باخرة بحرية قاصدين حدود مملكة بفاريا مودعين حدود بلاد سويسرا متذكرين محاسن طبائعها، وجميل مواقعها.
أما هذه البحيرة فعظيمة جداً، وهي مصب ومنصرف نهر الرين يبلغ محيطها ١٥٠ كيلومتراً، وطولها ٦٤ كيلومتراً، وعرضها ١٢ كيلومتراً تقريباً، ومساحة سطحها ٥٣٩ كيلومتراً، وأعظم عمق بها ٢٥٥ متراً محاطة بأكمات ومروج، وينصرف فيها نهر الرين، ثم يخرج عنها صانعاً شلالاً يعد أعظم شلالات
أوروبا.
[ثلاثة آلهة]
هذا وحينما حان وقت الظهيرة مدت مائدة الطعام على سطح الباخرة فاحتطنا بها، وقد دار بيننا الحديث حتى إذا علموا أني مصري أخذنا في التكلم على البلاد المشرقية والمغربية، وكان من ذلك أن التفتت إليَّ سيدة كانت أمامي، وقالت على مرآى من الحاضرين ومسمع: ألم يكن حقاً أنكم أيها العرب تعبدون إلهاً غير الذي نعبده نحن؟ فأخذني الضحك، وظننت أنها تهزل، وسألتها:
لماذا؟
فقالت:
لقد تعلمت في المدرسة، وطالعت في الكتب أن إلهكم يسمى (الله) وأما إلهنا فيسمى جوت وهو اسم الجلالة باللغة الألمانية.
فحين طرق سمعي كلامها تيقنت أن ذلك مزح صرف، وقلت لها ضاحكاً:
دعينا سيدتي من هذا المزاح في الألوهيات، فما ازدادت إلى يقيناً، وصارت تطلب مني التصديق على قولها. فقلت لها وكنت حريصاً على مزاجها: