للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تسير باخرة البحر فهز الضحك منا الأجسام، وما قدرنا أن نفصح له بالكلام، بل أشرنا له بأنها قد أخذت وجهتها، وسارت وخلَّفتنا، فتململ يرفع رجلاً ويضع أخرى، ينظر يمنة ويسرة، ثم قال سادتي ما تقولون في تأجير زورق يكون تحت تصرفنا، ويسير حسب أمرنا؟ فلبيناه بنعم، وهرولنا إلى الشاطئ، ونزلنا زورقاً صغيراً، وأردنا أن نأخذ جلسة بحيث يتعادل الثقل كيلا يميل بنا، فجلس هو وقرينته، ونحن الثلاثة وبعض العفش في مقابلتهما، وسار بنا الزروق يرقص ويلعب، ويعبث بنا ويَدْعَب، ودار بيننا الحديث، بكل ماضٍ وحديث، فعلمنا أنه من مملكة صكصونيا، وألفيناه ظريف الشمائل سمح السجايا، مادام كل منا آخذاً مكانة، أما إذا تحرك أحدنا بدون ما قصد، ومال الزروق من جهته عربد بيديه ورجليه، ثم يأخذ في الضحك ثانية.

أما هذه البحيرة فتسمى بحيرة برينس التي ذكرتها آنفاً طولها ١٤ كيلومتراً، وأوسع عرض بها ٢ كيلومتراً ونصف، وأعظم عمق بها ٢٦٢ متراً، وهي محاطة بالجبال المثمرة والصخور.

ولم يزل الزورق يسبح بنا نحو ساعتين إلى أن وصلنا إلى موضع جيسباخ فصعدنا على البر فإذا هو منحدر جبل ركبنا منه عربة بخارية صعدت بنا أعلاه بهيئة عجيبة، وذلك أنهم أوصلوا من أعلى الجبل قضبان حديدية إلى ذلك المنحدر تحملها قوائم سميكة، وحولها حواجز

<<  <   >  >>