أما سرر النوم فتزدري بالصخور صلابة، وقد امتلأ قلبها قساوة، بألحفة قد صنعتها يد البخل والقل، وعلى قدرها تُمَدُّ الأرجل، وبالجملة فقد قضيت بها الليلة ما كان أهناها وأصفاها وأبهاها وأحلاها، ليلة ولا كليلِ صُولٍ على حُنْدُج حيث قال وهو من شعراء الحماسة:
لا فارقَ الصبح كفِّي إن ظَفِرْتُ به ... وإن بدت غُرَّة منه وتَحجيل
ومذ انفلق عن طولها الفجر بعدما نفد الصبر، ولاح الصباح، ولمع من الطير الجناح نزلت تلك القرية لأخبر شأنها فأرتني منها مناظر حسنة، حيث هي في وادٍ عظيم يشقه نهر آر وتتشعب فيه غدران وجداول، ولمحت من بعد جبلاً قد تعَرَّض، فقصدته حتى إذا قربت الخطوة منه شاهدته جبلاً قد انشقَّ قسمين من أعلاه إلى أسفله، وقد جرى بينهما آر المذكور بقوة عظيمة وهيئة عجيبة فسرتني رؤيته لاسيما ما صنعته يد الإنسان فيه، حيث أقاموا بين ذلك الشق طريقاً من الحديد لها حواجز تسهيلاً للمتفرجين، فصعدت عليها ضمن الصاعدين، وسرنا والنهر يجري تحت أرجلنا، ونحن بين جبلين يكادان يتعانقان حتى خرجنا إلى طريق أخرى مكبرين