هو الشبه في الأول ودليل العلة في الثاني، ولا يشترط لهما ظهور المناسبة، فالوصف الجامع الذي هو ركن من أركان القياس قد يكون علة، وقد يكون دليل العلة، وقد يكون وصفا شبهيا).
[تعريف العلة:]
قال الشيخ:(والعلة: المعنى الذي ثبت بسببه حكم الأصل).
وقد عرفها الشيخ العثيمين في "شرح نظم الورقات"(ص/١٨٨) بقوله: (الوصف المناسب للحكم الجامع بين الأصل والفرع)، وهذا أدق من تعريف الباب إلا أنه أيضا ينقصه بعض القيود وسوف يتضح ذلك من خلال التعريف الذي سوف أذكره بإذن الله.
وقد عرفها المرداوي في "التحبير"(٧/ ٣١٧٧) بأنها: (وصف ظاهر منضبط معرف للحكم).
وقد اعتمد الشيخ السلمي هذا التعريف إلا أنه زاد فيه أن الدليل هو الذي دل على أن هذا الوصف مناط للحكم، فعرفها بأنها:(وصف ظاهر منضبط دل الدليل على كونه مناطا للحكم) فقال في "أصوله"(ص/١٤٦): (ومعنى قولهم: (وصف) أي: معنى من المعاني، ولهذا كثر في كلام الأصوليين والفقهاء إطلاق المعنى على العلة، بل إن المتقدمين
لا يكادون يذكرون (العلة) بل (المعنى).
وقولهم:(ظاهر): قيد يخرج الوصف الخفي الذي لا يطلع عليه إلا من قام به، مثل الرضى في البيع، فإنه لا يعلل به وإنما يعلل انعقاد البيع بقول الشخص بعت أو قبلت، فالنطق بالصيغة وصف ظاهر، ولهذا جعل هو العلة في انعقاد البيع.
قولهم:(منضبط)، الوصف المنضبط هو الذي لا يختلف باختلاف الأفراد ولا باختلاف الأزمنة والأمكنة.
ومثلوا لغير المنضبط بالمشقة إذا قيل: علة الفطر في السفر المشقة، فإن المشقة تختلف باختلاف الأفراد والأزمان والأمكنة.
ومثلوا للمنضبط بالسفر إذا عللنا جواز الفطر به.
وقولهم:(دل الدليل على كونه مناطا للحكم)، أي: قام دليل معتبر من الأدلة الدالة على العلة على أن هذا الوصف علة الحكم.
ومعنى قولهم:(مناطا للحكم) أي: متعلَّقا للحكم، بمعنى أن الحكم يعلق على هذا الوصف فيوجد بوجوده ويعدم بعدمه.