راويان رويا حديثًا متعارضًا لكنَّ أحدَهما أقوى من الآخر حفظًا وأمسَّ بالشيخ الذي رويا عنه الحديث - فتقدِّم الثاني- لدينا رجلان رويا عن شيخ حديثًا، كل واحد منهما رواه على وجه يخالف الآخر، وكل منهما ثقة، لكن أحدهما أقوى في الأوثقية وأشد وثوقًا في الشيخ مثل أن يكون صهره أو ابن عمه أو ابن أخيه أو خادمه- مثل نافع عن ابن عمر- فهنا نقدِّم الثاني؛ لأن صفات القبول فيه أقوى وأكثر من الآخر).
[٨ - يرجح صاحب القصة على غيره.]
قال القاضي أبو يعلى في "العدة"(٣/ ١٠١٩) وهو يتكلم عن وجوه الترجيح من ناحية الإسناد: (الثالث: أن يكون أحد الراويين مباشرا لما رواه؛ لأن المباشر أعرف بالحال، ومثاله ما قلناه في رواية أبي رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نكح ميمونة وهو حلال) أنه أولى من رواية ابن عباس: (أنه نكحها وهو حرام)؛ لأن أبا رافع كان السفير بينهما، والقابل لنكاحها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الرابع: أن يكون أحد الراويين صاحب القصة، كميمونة، قدمنا قولها: تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن حلالان، على قول ابن عباس؛ لأنها المعقود عليها، فهي أعرف بوقت عقدها من غيرها لاهتمامها به ومراعاتها لوقته).
[٩ - يقدم من الإجماع: القطعي على الظني.]
سبق بيان أن الإجماع نوعان قطعي وظني، فإن تعارضا فيقدم الإجماع القطعي.
[١٠ - يقدم من القياس: الجلي على الخفي.]
وقد سبق بيان أن القياس له مراتب من حيث القوة والضعف والجلاء والخفاء، فالقياس الذي في معنى الأصل أقوى من القياس الجلي، والجلي أقوى من الخفي، وقياس العلة أقوى من قياس الدلالة.
[المفتى والمستفتي]
[تعريف المفتى:]
قال الشيخ:(المفتي: هو المخبر عن حكم شرعي).
وهذا الحد غير مانع وينبغي إضافة بعض القيود له ليكون جامعا مانعا:
أولاً - من المقرر أن المفتي لا يكون إلا مجتهدا، وغير المجتهد لا يكون مفتيا حقيقة، وعليه فلما كان هذا الحد يدخل فيه من أخبر عن حكم الله بغير علم بالدليل سواء أكان مقلدا