وقال ابن النجار أيضا:((و) الوجه الرابع من طرق معرفة تأخر الناسخ (قول الراوي) للناسخ (كان كذا ونسخ، أو رخص في كذا ثم نهي عنه ونحوهما) كقول جابر رضي الله عنه (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار) وكقول علي رضي الله عنه (أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام للجنازة، ثم قعد)).
ثالثًا- التاريخ:
مثل له الشيخ في "الأصل" بقوله تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ)[الأنفال: ٦٦]. الآية، فقوله:(الْآنَ)(١) يدل على تأخر هذا الحكم وكذا لو ذكر أن النبي، صلى الله عليه وسلم،
حكم بشيء قبل الهجرة ثم حكم بعدها بما يخالفه فالثاني ناسخ).
٣ - ثبوت الناسخ:
قال الشيخ وهو يتكلم عن شروط النسخ:(ثبوت الناسخ واشترط الجمهور أن يكون أقوى من المنسوخ فلا ينسخ المتواتر عندهم بالآحاد وإن كان ثابتاً، والأرجح أنه لا يشترط أن يكون الناسخ أقوى).
محصل هذا الشرط أنه يشترط في الناسخ أن يصح نسبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يكون ضعيفا، فلم يشترط أن يكون الناسخ أقوى من المنسوخ بل يكتفى بمجرد صحة نسبته للشرع فينسخ خبرُ الآحاد المتواترَ والقرآنَ وذلك لأن الكل شرع من عند الله، قال تعالى:(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)[سورة النجم: ٣، ٤].
وحقيقة ذلك إن الناسخ إنما جاء رافعًا لاستمرار حكم المنسوخ ودوامه، وذلك ظني وإن كان دليله قطعيًا، فالمنسوخ إنما هو هذا الظني لا ذلك القطعي.
[أقسام النسخ باعتبار المنسوخ:]
قال الشيخ: (ينقسم النسخ باعتبار النص المنسوخ إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه، وحكمة نسخ الحكم دون اللفظ بقاء ثواب التلاوة وتذكير الأمة بحكمة النسخ.
(١) قال في شرح الأصول (ص/٤١٣): (الآن ظرف للحاضر، وهذا يقتضي أن ما قبله مغاير لما بعده.