للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كقولنا: رأيت خبزا، وتقول الخبز مجاز عن الرجل. ولذلك أضاف البعض قيودا لهذا التعريف فقالوا: لعلاقة وزاد بعضهم لعلاقة مع قرينة، وأسلم منه ما حده به ابن قدامة في الروضة (ص/١٧٥) حيث قال: (هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي على وجه يصح).

[شروط المجاز:]

قال الشيخ: (ولا يجوز حمل اللفظ على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة

وهو ما يسمى في علم البيان بالقرينة. ويشترط لصحة استعمال اللفظ في مجازه وجود

ارتباط بين المعنى الحقيقي والمجازي ليصح التعبير عنه وهو ما يسمى في علم البيان بالعلاقة).

وكلام الشيخ واضح في اشتراط وجود علاقة وقرينة ليصح المجاز.

[القرينة:]

قال الشيخ في "الشرح" (ص/١٢٥): (ولا يجوز حمل اللفظ على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة، وهو ما يسمى في علم البيان بالقرينة.

فهذا من أهم ما يكون، يعني: أننا لا يمكن أن نحمل الكلام على المجاز إلا بدليل صحيح.

وإذا ضربنا لهذا مثلاً في صفات الله عز وجل تبين: قال الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: ٥]، فحقيقة الاستواء هو: العلو، فإذا حرَّفه أحد إلى الاستيلاء! قلنا: لا نقبل مثل هذا؛ لأن تحريفه إلى الاستيلاء إخراج له عن حقيقته، ولا يقبل إلا بدليل.

وإذا قال قائل: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) [المائدة: ٦٤]،- يعني: يدي الله عز وجل - وأن المراد بهما النعمة! قلنا له: لا نقبل؛ لأن استعمال اليد في النعمة مجاز، ولا يمكن أن يحمل اللفظ على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع إرادة الحقيقة.

فإذا قال: عندي دليل صحيح يمنع إرادة الحقيقة، وهو العقل والنقل:

أما النقل: فلقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: ١١].

وأما العقل: فلظهور التباين بين الخالق والمخلوق!

فالجواب: أن نقول: إن إثبات اليد لا يستلزم المماثلة، فها أنت لك يد، ولبعيرك يد، فهل يداكما سواء؟

وأما الجواب عن العقل، فنقول: نعم، فالتباين بين الخالق والمخلوق صحيح، فكما أنهما متباينان بالذات، فإنهما متباينان في الصفات.

<<  <   >  >>