للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشيخ: (ما لا تترتب آثار فعله عليه).

ومن فهم الصحيح ظهر له وجه هذا التعريف وهو واضح فكل مالا يترتب عليه آثاره فهو فاسد سواء كان من العبادات كمن صلى بغير وضوء، أو في المعاملات كمن باع ما لا يملك ونحو ذلك.

ومعنى عدم ترتب الآثار عليه (بيع المجهول مثلا) عدم انتقال الملك إلى المشتري، ولا يباح له انتفاعه بالمبيع، ولا يتصرف فيه، ولا يتملك البائع الثمن وهكذا.

[كل فاسد محرم.]

قال الشيخ: (وكل فاسد من العبادات والعقود والشروط فإنه محرم).

وهنا قاعدة هامة أن كل فاسد محرم؛ لأن الفساد إنما جاء من نهي الشارع عن هذا الفعل، فطالما أنه فاسد فلابد وأن يكون منهيا عنه ومحرما. والكلام ينسحب على الفرق بين الفاسد والباطل.

[الفاسد والباطل.]

قال الشيخ: (والفاسد والباطل بمعنى واحد إلا في موضعين:

الأول: في الإحرام فرقوا بينهما بأن الفاسد ما وطئ فيه المحرم قبل التحلل الأول، والباطل ما ارتد فيه عن الإسلام.

الثاني: في النكاح فرقوا بينهما بأن الفاسد ما اختلف العلماء في فساده كالنكاح بلا ولي، والباطل ما أجمعوا على بطلانه كنكاح المعتدة).

قال المرداوي في التحبير (٣/ ١١١٠) بعد أن ذكر مذهب الأحناف بالتفريق بين الفاسد والباطل: (قال بعض أصحابنا: (لم يفرق الأصحاب في صورة من الصور بين الفاسد والباطل في المنهي عنه، وإنما فرقوا بينهما في مسائل لدليل) انتهى (١). قلت: غالب المسائل التي حكموا عليها بالفساد، إذا كانت مختلفا فيها بين العلماء، والتي حكموا عليها بالبطلان إذا كانت مجمعا عليها، أو الخلاف فيها شاذ. ثم وجدت بعض أصحابنا قال: (الفاسد من النكاح: ما يسوغ فيه الاجتهاد، والباطل: ما كان مجمعا على بطلانه. وعبر

طائفة من أصحابنا بالباطل عن النكاح الذي يسوغ فيه الاجتهاد أيضا).


(١) قال الكلوذاني في التمهيد (١/ ٣٨٠): إنما لم يحكموا بفساده - يعني تلقي الركبان - لأنه ورد فيه دليل يدل على أنه لا يفسد وهو قوله عليه السلام: (فمن تلقى الركبان فهو بالخيار إذا دخل السوق) فدل على أن البيع صحيح. اهـ

<<  <   >  >>