فقولنا:(بذل وسعه) إخراج للتقصير في النظر والاكتفاء من ذلك ببعض الوسع الذي يمكنه أن يزيد عليه.
وقولنا:(الفقيه) المراد به هنا المتهيئ لمعرفة الأحكام.
وقولنا:(لاكتساب) بمعنى لاستنباط، وإنما قيدنا التعريف بهذا القيد؛ ليخرجَ بذلُ الوُسع لإدراك الحكم الشرعيِّ بحفظ متون الفقه، أو بحفظ النصوص الشرعية الدالّة صراحةً على الحكم، فهذا العملُ - وإنْ كان اجتهاداً في اللُّغة - لكنه ليس اجتهاداً في الاصطلاح.
قولنا:(شرعي) لإخراج الأحكام العقلية والحسية واللغوية، فإن اجتهاد الفقيه في شيء من ذلك لا يسمى اجتهادا شرعيا.
وقولنا:(ظني) أي أن مجال الاجتهاد إنما هو في الأحكام الشرعية العملية ظنية الثبوت أو الدلالة أو كلاهما، أو النوازل التي لا نص فيها أصلا دون المسائل قطعية الثبوت والدلالة.
وباقي قيود التعريف سبق شرحها في حد الفقه.
[تعريف المجتهد:]
قال الشيخ:(المجتهد: من بذل جهده لذلك).
وقوله:(لذلك) فيه إجمال، ومقصوده به أي: لاكتساب حكم شرعي ظني عملي من أدلته التفصيلية. والأولى في تعريف المجتهد أن نقول:(الفقيه الذي يبذل وسعه لاكتساب حكم شرعي ظني عملي من أدلته التفصيلية).
[شروط الاجتهاد]
- الشرط الأول:
قال الشيخ:(أن يعلم من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده كآيات الأحكام وأحاديثها).
لم يختلف العلماء في اشتراط معرفة أدلة الأحكام في الجملة، ولكن وقع الخلاف في عدد هذه الأدلة.
وسبب اختلافهم هل يكتفي بمعرفةُ الآيات والأحاديث الدالة على الأحكام بطريق النصّ أو الظاهر، دون ما دل على الأحكام بطريق الإشارة أو مفهومِ المخالفة، ونحوِهما من طرق الدلالة الخفيّة.