للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- اصطلاحا:

قال الشيخ: (واصطلاحاً: رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة).

قال الشيخ العثيمين: فالمراد بقولنا: " رفع حكم " أي تغييره من إيجاب إلى إباحة، أو من إباحة إلى تحريم مثلاً. فخرج بذلك تخلف الحكم لفوات شرط أو وجود مانع مثل أن يرتفع وجوب الزكاة لنقص النصاب أو وجوب الصلاة لوجود الحيض فلا يسمى ذلك نسخاً.

"رفع حكم دليل" يعني: رفع حكم دليل والدليل باق، "أو لفظه": ولكن حكمه باق،"أو لفظه وحكمه": وهذا ممكن، ولهذا نقول: "أو" هنا ليست للتنويع بل هي مانعة خلو - يعني: لا يخلو أن يكون رفع حكم أو رفع لفظ أو رفع حكم ولفظ، فله ثلاثة أوجه.

ما دمنا قلنا: "رفع" فإنه يلزم أن يكون الناسخ متأخرا عن المنسوخ؛ لأن الرافع يكون بعد المرفوع.

وقوله: (دليل شرعي) يخرج ما ليس دليلا شرعيا كالأوامر الصادرة من الحكام والولاة والأمراء وما أشبه ذلك، فإذا رفعوا الأمر الأول وأتوا بأمر جديد لا يسمى نسخا اصطلاحا؛ لأن هذا ليس من الأمور الشرعية بل من الأمور العرفية الوضعية. ونحن إنما نتكلم عن الشرعية.

وخرج بقولنا: " بدليل من الكتاب والسنة " ما عداهما من الأدلة كالإجماع والقياس فلا ينسخ بهما.

النسخ جائز عقلاً وواقع شرعاً:

قال الشيخ: (والنسخ جائز عقلاً وواقع شرعاً).

قال في الأصل: (أما جوازه عقلاً: فلأن الله بيده الأمر وله الحكم؛ لأنه الرب المالك فله

أن يشرع لعباده ما تقتضيه حكمته ورحمته وهل يمنع العقل أن يأمر المالك مملوكه بما أراد؟! ثم إن مقتضى حكمة الله ورحمته بعبادة أن يشرع لهم ما يعلم تعالى أن فيه قيام مصالح دينهم ودنياهم والمصالح تختلف بحسب الأحوال والأزمان فقد يكون الحكم في وقت أو حال أصلح للعباد ويكون غيره في وقت أو حال أخرى أصلح والله عليم حكيم.

وأما وقوعه شرعاً فلأدلة منها:

١ - قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) [البقرة: ١٠٦].

٢ - قوله تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) [الأنفال: ٦٦]. (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) [البقرة: ١٨٧] فإن هذا النص في تغيير الحكم السابق.

<<  <   >  >>