وذهب بعضُهم إلى التوقُّف، وهو يُناسبُ القولَ بتخطئة بعض المجتهدين، وأن المصيبَ واحدٌ.
وذهب بعضهم إلى أن على المجتهد أنْ يأخذَ بالأشدِّ؛ لأن الحقَّ شديدٌ.
وذهب آخرون إلى أن عليه أنْ يأخذَ بالأيسر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يَسِّروا، ولا تُعَسِّروا» (متفق عليه عن أنس وأبي موسى).
والراجح - إن شاء الله تعالى - أنْ يُقال: هذا قد يكونُ في حقّ بعض المجتهدين دون بعضٍ؛ ولذا فإن المجتهدَ إذا لم يتّضحْ له رجحانُ أحد المتعارضَينِ يلزمُه أنْ يتوقّفَ ويبحثَ عن دليلٍ آخَرَ، يُؤيِّدُ هذا الدليلَ أو ذاك ... ).
القسم الثالث:
قال الشيخ - رحمه الله -: (القسم الثالث: أن يكون التعارض بين عام وخاص فيخصص العام بالخاص).
ومثل له الشيخ في "الأصل" (ص/٧٩) بقوله: (مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: "فيما سقت السماء العشر" وقوله: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" فيخصص الأول بالثاني، ولا تجب الزكاة إلا فيما بلغ خمسة أوسق).
والكلام واضح وقد سبق الكلام على التخصيص.
القسم الرابع:
قال الشيخ - رحمه الله -: (القسم الرابع: أن يكون التعارض بين نصين أحدهما أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه فله ثلاث حالات:
١ - أن يقوم دليل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر فيخصص به.
٢ - وإن لم يقم دليل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر عمل بالراجح.
٣ - وإن لم يقم دليل ولا مرجح لتخصيص عموم أحدهما بالثاني وجب العمل بكل منهما فيما لا يتعارضان فيه والتوقف في الصورة التي يتعارضان فيها).
وضابطُ الأعمِّ والأخصِّ من وجهٍ:
وضابطه أن يوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه.
قال المرداوي في " التحبير": (١/ ٤٢): (شأن العموم والخصوص من وجه أن يجتمعا في صورة، وينفرد كل واحد منهما في صورة، فيجتمع الحمد والشكر في الثناء باللسان، وينفرد الحمد بالثناء على الصفات الحميدة من غيره، وينفرد الشكر بالثناء بالجنان والأركان).