للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم - في الصلاة مسنونة غير واجبة ".

وكذلك صفة أداء المناسك من طوافِ القدوم، والرمل، والاضطباع، وركعتي الطواف، والصلاة داخل الكعبة، والشرب من ماء زمزم، والسعي مع الهرولة، إلى غير ذلك.

فما يقوله جمهور الأصوليين، من أن الفعل الواقع بيانا لواجب فهو واجب، مشكل؛ لأنه يقتضي أن جميع ما فعله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة التي صلاها بيانا هو واجب، وكذلك جميع أفعاله في أخذ الزكاة، وفي الحج، وغير ذلك مما فعله بياناً. وهذا ما لا يقول به من الفقهاء أحد.

وقد أجاب به أبو شامة: سلمنا أن الحديث يدل على أن صلاته - صلى الله عليه وسلم - بيان، لكنها بيان للصلاة المطلوبة من المسلمين، بواجباتها وسننها وما يجوز فيها، فلماذا يحمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على أنه للوجوب خاصة؟.

بل الناتج من كون صلاته بياناً أن يكون كله فعل فعله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة دائراً بين هذه الأنواع الثلاثة، والعمدة في تمييز بعضها عن بعض إما القول، وإما الإجماع، وإما القرائن الأخرى، ولا يصلح الفعل وحده دليلاً).

التقرير:

قال الشيخ: (وأما تقريره صلى الله عليه وسلم على الشيء فهو دليل على جوازه على الوجه الذي أقره قولاً كان أم فعلاً. فأما ما وقع ولم يعلم به فإنه لا ينسب إليه ولكنه حجة لإقرار الله له).

تعريف الإقرار (١):

هو كف (٢) النبي- صلى الله عليه وسلم- عن الإنكار على ما علم به من قول، أو فعل.

شروط صحة دلالة التقرير (٣):

الشرط الأول - أن يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفعل، سواء سمعه، أو رآه مباشرة، وهو الأكثر من الأقارير المحتج بها، أو حصل في غيبته ونقل إليه كما نقل إليه خبر تأخيرهم لصلاة العصر حتى غربت الشمس يوم بني قريظة.

ومما يقوم مقام العلم أن يشيع الفعل وينتشر ويكثر وقوعه بين الصحابة فيكون مثل هذا


(١) ذكر هذا التعريف الشيخ الأشقر في "أفعال الرسول" (٢/ ٩٠).
(٢) الكف فعل، وقولنا كف أولى من قولنا سكوت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد يسكت عن المنكر لكن يغيره بيده.
(٣) لخصتها من كلام الشيخ الأشقر في أفعال الرسول (٢/ ١٠٤) مع بعض الزيادات.

<<  <   >  >>