أنه مبالغة، والتفريط الذي يستفيد منه أيضاً على أنه سكوت عن بعض الحقائق التي لا بد أن تقال.
فرغبة القارئ الذي يريد مزيداً من التوضيح تستحق أن تلبى في هذا الحد بالضبط.
فهذا الكتاب يهدف إلى ذلك وقد جمعنا فيه تحت عنوان ـ[في مهب المعركة]ـ بعض المقالات المترجمة، التي كتبت فعلا في ظروف المعركة الواقعية، بما يحيطها أحيانا من غموض عندما يريد الاستعمار أن يسدل الظلام على بعض المواقف المشبوهة التي ليس من مصلحته أن تعرف، وعلى بعض الأفكار التي لا يريد أن يرتفع الى مستواها الرأي العام، وعلى بعض التوجيهات حتى لا تصير واقعاً اجتماعياً.
إن المقالات المترجمة التي جمعناها في هذا الكتاب تتضمن هذه العناصر التي تكون مادة الصراع الفكري، وواقعه اليومي. الواقع الذي يريد الاستعمار أن يسدل عليه ستاراً من الظلام، حتى يبقى الرأي العام في قيود لا تراها إلا عين بصيرة وحتى يبقى الفكر في أغلال ما يسمى ((الواقعية)) وهي جحود الواقع، وحتى تبقى السياسة سوقا تشترى فيه الضمائر وتباع، ويبقى النشاط الاجتماعي معطلا بسبب شروط سلبية تفرضها إرادة خفية على حياتنا، ويجعلها من له بها صلة في بلادنا، مبررات فشلنا.
إننا ننشر هذه المقالات لأنها تعبر عن ذلك الواقع المرير الذي يدركه القارئ من دون تعليق من طرفنا، مع أننا نأتي أحيانا ببعض التعليق على الهامش عندما نراه ضروريا.
وننشرها لأنها تتصل بهذا الواقع من نواح مختلفة، من الناحية التاريخية عندما تصف ظروفا معينة مهدت للثورة الجزائرية مثلا، ومن الناحية العلمية عندما تضع بعض جوانب الاستعمار الخفية تحت المجهر، ومن الناحية الاجتماعية عندما تحاول فك بعض العقد وبعض المركبات التي نشأت في نفوسنا من مواجهة