إننا في انتظار مؤتمر دولي وشيك، يبدو أن جدول أعماله سيتضمن مسبقا قضية السلم في العالم، ودراسة الوضع الجديد فيه، الوضع الذي ينتظر أن يجد في كل واحد- فرداً أو شعباً- نصيبه من السعادة الأرضية.
ومن الطبيعي أن ظروفا كهذه، تنصب أمام عيوننا موضوع تأمل يتناسب مع الملابسة الحالية.
ولكن يبدو أن الإِنسان المستعمر لا تستهويه أطياف التأمل الجذاب ولا تستدرجه للخوض في قضية السلم والحرب، بما يرى لهذه القضية- من الناحية السياسية على وجه الخصوص- من سمات تجعلها قضية برجوازية ... نعم، إِنها تهم الضمير الإنساني على الإطلاق كيفما كان الحال، ولكنها تأخذ ما لها من نتوء في لندن، أو موسكو أو واشنطن، أي في كل بلد يجد أهله في حوزتهم السمن مع المدفع في وقت واحد (١).
بينما لا يجد الشعب الجزائري أما نظره مدفعا سوى مدافع الاستعمار، أما فيما يخص السمن فاسألوا ٩٥% من العائلات الجزائرية، إنها لم تعد تتذكر طعمه منذ زمن.
وفي جملة واحدة، فنحن نكون طبقة المنبوذين أو الصعاليك الذين لا يعترف لهم البرجوازيون- الذين بيدهم السمن والمدفع- بحق النظر في الأشياء، عندما يتكلمون في مصالح هذا العالم الذي يملكون فيه كل شيء: هذه الأنابيب للبترول وهذا المنجم للأورانيوم، وتلك القاعدة الحربية للطيران ...
(١) إن هذه العبارة (السمن والمدفع) كانت شعار السياسة الألمانية في عصر هتلر.