وبدأت تلتفت عنها ... باحثة عن أشياء أخرى، وعن عمل أجدى من أن تبقي يدها ممدودة نحو ... القمر.
وها إِن الاستعمار يشعر بأكبر خطر، ويلجأ إلى آخر وسيلة عنده، يلجأ للمرة الأخيرة إلى شنطته فيخرج منها أرَضَةً قد امتلأ بطنها من غبار تاريخ عصر ما بعد الموحدين عصر الانحطاط، لقد امتلأت من هذا الانحطاط وأصبحت تلقي منه في كل جشأ تكتبه أو تقوله.
إننا نرى هذه الأرَضَة تحت ملامح الطالب الجاد، نراها جادة في الانحطاط على مدرج كلية جادة في تحضير مؤهلات ((النائب الحر)) (١).
وقد يكفي للحصول على هذه المؤهلات أن يكون للطالب قلم حسن أو بوق جيد في التعبير عن رغبات الاستعمار وأفكاره. إن الاستعمار الذي كان يقتنع بمن يعبر عن رغباته بلغة الصعاليك، أصبح في حاجة إلى من يعبر عنها بلغة تقرب إلى الفصحى، وهذه الحاجة الجديدة اتي يشعر بها الاستعمار، تشهد على أنه يستطيع أن يتحضر وإن لم يكن مستعدا لتحضير غيره.
تَعْليِقٌ
إِنه يجب أن نعلق على هذا المقال بأن الاستعمار لا زال في حاجة إلى أقلام يكتب بها، وإلى أبواق يتكلم بها، حتى لا يعرف خطه ولا صوته عندما يخادع الجماهير الطيبة، وهذا يعني أن الأرَضَةَ المتعلمة لا زالت منتشرة في البلاد الإِسلامية على وجه العموم، وقد عرفنا منها أصنافا بالجزائر على وجه الخصوص.
إن هذا النوع من الحشرات لا ينقطع ما دامت ثقافتنا تفقد المبدأ الأخلاقي المهيمن على سلوك المثقفين.
(١) هذا لقب النواب الذين تعينهم السلطات الاستعمارية للنيابة عن الشعب الجزائري في المجالس المنخبة