للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بِلَا خَوْفٍ وَمِنْ دُونِ تَأْنِيبٍ (١)

الجمهورية الجزائرية في ٢/ ١٠/ ١٩٥٣

ــ

إن اغتيال الزعيم التونسي، هادي شاكر، يبدو في الظروف الحالية، في صورتين: فهو جريمة، وهو في نفس الوقت عمل سياسي.

إن أي اغتيال قد يكون أحياناً خاضعاً لحتمية تفرضه على المجرم، كنتيجة لعمل سابق، يدفعه إلى سلسلة جرائم.

وفي غالب الأحيان، فالقانون وحده هو الذي يضع حداً لهذه السلسلة، حينما يرسل المجرم إلى المقصلة، كي يضع حداً لسفك الدماء.

ولكن أين القانون الذي يضع حداً لمهنة الاستعمار الدامية؟ .. يا أتيلا!! إن شبحك، على ذلك الهرم من الجماجم، كما عودنا التاريخ أن نراك، إن شبحك هذا لم يبقَ إلا صورة شاحبة لوحشية كانت في عهد الطفولة .. إذا قارناها بوحشية المحتضرين الكبار اليوم. بل إن أصغرهم، أصغر من يرتدي منهم لباس المليشيا، بشوارع المدن الجزائرية، هو مثل مدينة حالمة، قد جاوز عهد الطفولة المجرمة، وبلغ سن الرشاد في الإِجرام ... فأصبح يغتال القانون ذاته، ففي تلك الشوارع، ما إِن يلقي القبض على الشباب الجزائري، ليقوده إلى المحاكمة المزعومة ... حتى يغتاله في اليوم نفسه وفي الطريق ... في الطريق إلى المحكمة.

إنه لم يبق شيء يحفظ الأبدان والأرزاق من تونس إلى الرباط ...


(١) هذه العبارة كانت شعار الفروسية في القرون المتوسطة بفرنسا وشعار الفارس بياز على وجه الخصوص، الذي يزعم بهذا الشعار أنه لا يرهب الموت ولا يخشى تأنيب ضميره، لأنه لا يرتكب رذيلة وقد اخترته عنواناً لهذا المقال على سبيل السخرية كما يدرك ذلك القارئ.

<<  <   >  >>