للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مِنْ مُؤْتَمَرِ كُولُومْبُو إِلَى مُؤْتَمَرِ جِنِيفْ

الجمهورية الجزائرية في ٧/ ٥/ ١٩٥٤

ــ

إن الحوليات السياسية العالمية تسجل حدثا جديدا في منتهى الأهمية، ألا وهو اجتماع مؤتمرين دوليين، في وقت واحد، ويمثل كلاهما نزعة معينة تختلف عن النزعة الأخرى اختلافا كاملا، بينما موضوعهما واحد.

ففي مدينة جنيف يجتمع الكبار ((من أجل أن يتصرفوا في شعوب شرق جنوب آسيا، طبقا لتخطيطاتهم الستراتيجية، ولمصالح الاقتصادية)).

وفي مدينة كولومبو يجتمع على أثر دعوة وجهها لهم نهرو، الرجال الذين يمثلون هذه الشعوب، كي يؤكدوا على أن المشكلات التي تخصهم لا يمكن أن تحل في غيابهم، ويصرخوا مرة أخرى بحق الشعوب في تقرير مصيرها.

وبالتالي، فإن المشكلات هي هي في كلا المؤتمرين، وإنما يريد أحدهما أن تكون حلولها، كثيراً أو قليلا، في نطاق سياسة التطويق (١). بينما يحاوله الآخر حلها لتدعيم السلم في منطقة كانت، قبل عشرة سنوات، البلاد المستعمرة.

إن هذه المنطقة تطابق، في الواقع، من الناحية الايديولوجية مجال إشعاع الفكر الإسلامي وفكرة اللاعنف، أي مجال إشعاع حضارتين: الحضارة الإِسلامية والحضارة الهندوكية، الحضارتان اللتان تختزنان أكبر ذخيرة روحية للإنسانية اليوم.

فالتعارض بين المؤتمرين يكاد يستحيل تلافيه، بقدر ما يستحيل التوفيق بين إرادة السلطة التي تحرك أحدهما، وإرادة التحرر من الاستبداد التي تحرك الآخر.


(١) السياسة التي أعلنها ج. ف. دالاس في أيامه.

<<  <   >  >>