وهذا التعارف لا يمكن فعلا تلافيه ولا إخفاؤه بكلمات جوفاء، الكلمات التي أفضى بها رئيس الحكومة الباكستانية في مؤتمر كولومبو، حيث قال: إنه لمن التبجح والرياء أن نوجه إلى الأمم الأخرى الدعوة إلى السلم، بينما الخلافات السياسية والاختلافات النظرية التي تفرقنا لا زالت قائمة.
إن هذا التصريح، الموجه بكل وضوح ضد شخص نهرو، ويعبر عما يسمى في اللسان الدارج ((استفزاز)) وكأن صاحب هذا التصريح المستفز، السيد محمد علي، كان يهدف إلى تعكير الجو بمؤتمر كولومبو، حتى لا يصيب هذا المؤتمر هدفه الذي يختلف، كما قلنا، عن هدف المؤتمر الآخر الذي يتابع جلساته الآن على شاطىء بحيرة الليمان.
فهذه المناورة، أو عملية الإجهاض هذه، تبدو بوضوح أكبر عندما نعتبرها في ضوء ما أفضى به رئيس حكومة سيلان، إذ لفت نظر زملائه الممثلين لحكومات شرق جنوب آسيا، إلى الخطر الذي يهدد تلك المنطقة بسبب وجود برميل البارود الذي تمثله الهند الصينية فيها.
ولماذا حينئذ هذا النشوز الغريب في موقف ممثل باكستان؟ إن القضية تتصل في الواقع بتاريخ الوطن، أو بالأحرى بتاريخ الجامعة الإِسلامية.
إنه من مصلحة الاستعمار أن يخفي دائما أبرع مشاريعه وراء مظاهر خلابة، والجامعة الإسلامية كانت إحدى المشاريع لسحق المؤتمر الهندي العام، ووسيلته المختارة لتمزيق جبهة كفاح الشعب في الهند، وما كان هذا التمزيق ليحدث بمجرد قرار يصدره جلالة ملك انجلترا، ولكنه حدث باسم الإسلام ثم تحقق في صورة دولة باكستان، وقد اشتقت هذه الكلمة نفسها من اسم الصحابي المشهور سلمان الفارسي، الذي كان يلقب بسلمان باك أي الصافي.
فباكستان هي إذاً بلاد الصفا، صفا الأغاخان على سبيل المثال، الرجل الذي طرد من الهند نهائيا بسبب ما قدم من خدمات إلى الاستعمار، والذي