عندما ينزل جيش أجنبي بأرض شعب، فإن هذا الشعب يكون معرضاً ليرى إما احتلالا مؤقتاً في بلاده، وإما عملية ضم تضعه نهائياً تحت سلطة شعب آخر.
وكلا هذين الاحتمالين له خصائصه بالنسبة للشعب الذي يتعرض لهما:
فأما الاحتلال المؤقت فإنه لا يؤثر في حياته إلا بصفة عابرة كمجرد حدث يخضعه مؤقتاً لحاجات جيش أجنبي يفرض متطلباته من حيث الأمن والتموين في البلد المحتل وذلك طبقاً لشروط يهيمن عليها قانون عسكري ينتهي نفوذه مع تصفية الوضع الحربي.
وأما في حالة الضم فإن الأشياء تتخذ اتجاهاً آخر يؤثر في حياة الشعب الذي جرت عليه عملية الضم من الداخل، حتى إنه يغير أحياناً مصيره في التاريخ بصورة مطلقة، وعندما يقع مثل هذا التغيير، فهو يظهر في صورة مجتمع جديد، تكون فيه البناءات الداخلية نتيجة اندماج خصائص الشعبين العنصرية، مصهورة في بوتقة أسرة جديدة، وهذا الاندماج قد يكون أحياناً مطبوعاً بخصائص أحد الشعبين أكثر من خصائص الشعب الآخر، وليس حتماً أن تكون خصائص الشعب الغالبة هي ذاتها خصائص الشعب المنتصر، فالصين على وجه المثال لم تتخذ طابع الشعوب التي احتلت أرضها عبر التاريخ، كالمغول والمندشو، بل هي التي وضعت طابع حضارتها العريقة على تلك الشعوب.
وغالباً ما يكون الاندماج مشتملا على خصائص الطرفين، بحيث يكون أثر كليهما واضحاً فيه، كما وقع في تكوين المجتمع ((السلتي- الروماني)) حيث