للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تَحِيَّةٌ إِلَى دَاعِيَةِ اللَّاعُنْفِ

الشاب المسلم في ٣/ ١/ ١٩٥٣

ــ

في عالم يسوده القلق، وهو يتأهب مرة أخرى الى انطلاق الوحشية والعنف، يبدو أنه ليس! من العبث أن نذكر من حين إلى اَخر سيرة غاندي.

لقد كنت في تلك الليلة أستمع الى إِذاعة مؤثرة ... اجتهد من نظَّمَها في جمع شهادات من بعض الشخصيات الحية التي تستطيع تذكر نبذة عن غاندي، أو تدلي بذكرى احتفظت بها عن حياته، حتى تستطيع بذلك أن تكشف لنا جانبا ما زلنا نجهله في محيط تلك ((النفس الكبيرة)) (١).

وكان يتخلل الإذاعة صوت متخافت يرتفع من حين إلى آخر ببعض المقتطفات من الكتب المقدسة فهذه مقتطفة من دي ((الابانيشاد)) أو تلك من ((البهاجفاتجيتا))، وكان هذا الصوت يثقب من حين إلى آخر كلام المذيع المتأثر، بنبرة خاصة كي يحيطه بهالة من القداسة.

ولكن اللحظة المؤثرة كانت دون أي شك عندما ارتفع مرتين صوت غاندي نفسه، مسجلا على شريط هو من أثمن مخلفات الفقيد الكبير.

نعم ... إِننا لا نفهم هذه الكلمات المكشكشة التي تنفلت من رئة استنفدت قوتها، ومن فم فقد أسنانه ... ولكن هذا الصوت المتخافت الغريب، صوت من وراء القبر، يستولي على شعورنا، ويأخذ إحساسنا ... إنه قوة غير مرئية، قوة لا يدركها التحديد، ولكننا نشعر بطاقتها الجبارة .. فهي تأخذ قلوبنا وتتركنا فاقدي الأنفاس لحظة ... بعدما يسكت ذلك الصوت المتخافت ...


(١) اللقب الذي يلقب به غاندي أصدقاؤه: المهاتما.

<<  <   >  >>