باعة لحم الخيل بفرنسا يستوردون بضاعتهم حية من الجزائر، وكان في ذلك فرصة لتنشيط إنتاج من يقوم بتربية الخيل في الجزائر، ومن ناحية أخرى لتعديل أسعار اللحم في السوق الفرنسية، لمصلحة المستهلك الفرنسي.
إِلا أنه، لم يكن لتلك الفرصة الأثر الطبيعي في الاتجاهين المذكورين، فقد امتصه احتكار الراية بتعديل خفي أتوماتيكي لأسعار النقل، فقد جاء هذا التعديل يمتص بصورة رياضية الفائض بين أسعار فرنسا وأسعار الجزائر، دون أن تستطيع هذه المرة صحيفة ما أن تتهمم العمال الجزائريين بالبطء في العمل ... لأن الخيل تشحن نفسها بنفسها.
وليس في النفسية التي تسيطر على هذه التصرفات الغريبة كلها أي شيء يمت إلى المصلحة القومية، لأنها كلها تضحي على حد سواء بمصلحة الشعب الفرنسي ومصلحة الشعب الجزائري .. إنها طبقة من الفنيين Technocratas ومن كبار المقاولين، ومن بأيديهم إدارة الشركات الكبيرة، تدير مباشرة أو بوسطاء تختلف درجاتهم ومناصبهم، شؤون البلاد لمصلحتهم فقط.
وهكذا ندرك حقيقة ما يشير إليه تقرير المؤسسة الاقتصادية OEGE عندما - يتكلم عن ((اتفاقات مكشوفة أو ضمنية)) ... كما ندرك إلى أي مؤامرات تنتهي أحيانا هذه الاتفاقات في بلد مستعمر، يستهدف النطام الاقتصادي فيه التقليل من العمل وحط قيمته، وهنا نلمس مناقضة غريبة، لأن من طبيعة القليل أن ترتفع قيمته ... ولكن العبقرية الاستعمارية تستطيع قلب الواقع والإتيان بالمحرفات التي تحطم الحقائق وتصيرها هباء منثورا.