الجزائر نشكو من مساوئ الاحتكار ... ومن ((احتكار الراية)) أولا (١) الذي أدى بزعمه المحافظة على مصالح فرنسا، إلى تأسيس امتيازات نعرف أثرها السيء على النمو الاقتصادي بالجزائر خلال القرن. إذ أن هذا الاحتكار لم يسمح للجزائر أن تستفيد من المنافسة بين شركات الملاحة، بالرغم من أن ذلك لم يحقق أي فائدة للفرنسي المتوسط في حياته ...
إن الامتياز لا يعود بالفائدة إلا على صاحبه ... وصاحب الامتياز، بما أنه يعلم جيداً المناقضة الموجودة بين الصالح العام ومصلحته الخاصة، لا يتورع عن استخدام أي وسيلة تعزز مصلحته، كما يلاحظ ذلك تقرير المؤسسة الاقتصادية للتضامن الأوروبي (مؤسسة السوق المشتركة) ولكن مهما يكن بتلك الوسيلة من تلوث، بوجه عام فإنها تصبح أكثر تلوثا ... في البلاد المستعمرة.
إِننا نذكر تلك الحملة الصحافية التي قادتها صحيفة فرنسية، سنة ١٩٣٨، من أجل أن تثبت للرأي العام الفرنسي، الذي أبدى استياءه إزاء بعض أسعار الفواكه أو الخضراوات المستوردة من الجزائر، أن غلاء تلك الأسعار ناتج عن بطء العامل الجزائري الذي يقوم بشحن البضاعة بالموانئ الجزائرية، وكانت الصحيفة تريد أن تخفي بهذه الدعوة والدعاية الحقيقة البسيطة وهي أن الأسعار ارتفعت بسبب احتكار الملاحة. ولم تتنازل هذه الصحيفة بطبيعة الحال إلى نشر التصحيح الذي وجهناه لها بهذا الصدد، ومما يجب ملاحظته بهذه المناسبة هو أن النقابة الفرنسية لعمال الشحن لم تتقدم باحتجاج، دفاعا عن ((الزملاء)) الجزائريين أو عن مجرد الحقيقة ... فبقيت الوصمة لاصقة بالعمال الجزائريين في نظر الرأي العام الفرنسي.
وكان من الممكن في نفس السنة أن نلاحط ملاحظة أخرى، تدل على الثقل الذي يضعه ((احتكار الراية)) على الحياة الجزائرية بصورة واقعية: لقد بدأ
(١) إن قانون ((حتكار الراية)) يقضي أن لا نأتي واردات الجزائر ولا تذب صادراتها إلا على ظهر السفن التي ترفع الراية الفرنسية.