الحالة التي تصفها هذه الألفاظ مثلا عندما يقول التقرير:((لقد تكون وراء التسعيرات والتحديدات الكمية، نظام حماية داخلي، نتجت عنه امتيازات نشأت وتبلورت تؤكدها مجموعة من الوسائل، حتى أصبحت في نظر أصحابها حقوقا مسلمة، دون مراعاة ما يقتضيه ((المردود الاقتصادي)) وتتنوع هذه الوسائلا من مجرد الترتيبات العامة لتقرير الأسعار عن طريق النص القانوني أو طريق المنحات على حساب الميزانية إلى اتفاقات خاصة! سواء كانت مكشوفة أو ضمنية وإلى .. وإلى التدليس على القانون)).
إننا لا نرى في هذه السطور صورة المظهر الداخلي لحالة معينة، بل نراها تعطينا أيضا فكرة صحيحة عن آلية هذه الحالة ونفسيتها. فنحن نجد فيها، على وجه الخصوص، التصوير الكافي لاقتصاد استعماري نعرفه بتلك ((الامتيازات التي أصبحت في نظر أصحابها حقوقا مسلمة)).
وإِننا ندرك هكذا تلك المعجزة- حتى لا نقول تلك الفضيحة- التي يتميز بها سر الحلفة الذي يأخذ ضعف قيمته مرتين وثلاث مرات على بعد خطوات من الحدود الجزائرية، بالأرض التونسية، أو يأخذ ضعف قيمته عشر مرات على ظهر باخرة في ميناء جزائري ... أي عندما يخرج من يد العامل الجزائري الذي ينتجه، ويدخل في حوزة الأوروبي الذي يراقب سوقه على أساس ((الضمانات القانونية التي تحدد سعره)) له على حساب مصلحة العمال الخاصة وعلى حساب المردود الاقتصادي بصورة عامة. فكل منتوج نصدره الى الخارج كما تنتجه الطبيعة، يكون تصديره خسارة بالنسبة إلى الحالة الاجتماعية في بلد معين، خسارة تحدد اقتصاديا ما يسمى ((البلد المتخلف)).
وربما انتهى التقرير إلى أن درجة النمو الاقتصادي الموائمة، تكمن في اقتصاد لا يكون موزعاً في أيدٍ كثيرة يمنع توزيعه كل تنظيم، ولا مجمعا في الاحتكار، يمنع احتكاره عمليات الرقابة ويسلبها قيمتها ((بمجموعة من الوسائل)).
ولكن إذا كانت بعض البلاد تشكو من مفاسد التوزيع المبالغ فيه، فنحن في