مثمرة خلاقة، وأنه على العكس يعطي لـ ٩٥% من النخبة المسلمة ((الأفكار القاتلة)) والعقيمة ...
وعليه فإنه من الواضح أن القضية غير عائدة إلى طبيعة الثقافة الغربية، ولكنها تعود إلى طبيعة صلتنا بها، وهذه الصلة لا تحددها غير وراثتنا الاجتماعية، التي لم نتخلص بعد من تأثيرها بل إنها على وجه الخصوص هي التي تملي اختيار ((السائح المهتم)) في المزبلة واختيار ((الطالب المجتهد)) في المقبرة.
فكلاهما، بمقتضى وراثته الاجتماعية، لا يذهب إلى المهد الذي تولد فيه الحضارة، وإلى المصنع الذي تصنع فيه .. ولكنهما يذهبان أحدهما إلى الأماكن التي تتعفن فيها .. والآخر إلى الأماكن التي تقطر فيها .. أي أن كلاهما يذهب حيث تكون الحضارة فاقدة الحياة .. لا تعطيها.
ومن هنا تبدو الخصومة بين شوقي وغريمه في منتهى الوضوح فبقدر ما تكون ((الأفكار القاتلة)) هي التي أوحت إلى الأول مدحه لباريس، أو تكون ((الأفكار الميتة)) هي التي أوحت إلى الثاني نقده. فإننا سنعرف من يكون منهما المخطئ.
لكن الخصومة كما علمنا مما تقدم أوسع نطاقا من ذلك، إنها منوطه بموقفنا- أخلاقيا واجتماعيا وفكريا- من مشكلة الثقافة.
ولست أدري إذا أقنعت هذه الاعتبارات الأستاذ الزيتوني عندما كنت أعرض مجملها في الحديث .. ولكنني عندما انتهيت من الحديث، رأيت أحد المستمعين، وعليه ملامح العامل البسيط يرمق الزيتوني، ويرمقني ويرمق الطلبة الموجودين وفي نظره شىء من الخجل، كأنما يستحي أن يطأ أرضنا، أرض ((النخبة المثقفة)) ثم قال: أريد أن أقول كلمة!!
فتنازل جمعنا؟ إلى استماعه، فقال:
أعتقد أن القضية تشبه قضية التطعيم إنه من المعلوم أن العرق المنقول