يستحق هذا المظهر في الثقافة، من اهتمام، تاركين لفرصة أخرى توضيح شأنه في ثقافة الهند على وجه الخصوص.
ولا شك أن موضوعا كهذا يستحق دراسة متعمقة، ولكننا نقتصر هنا فقط على تقديم بعض المعلومات للشباب الجزائري، كي نلفت نظره إلى إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجهها الإنسانية في القرن العشرين.
إنه لمن المعلوم عن أي بلد ((عصري)) أن الحياة الفكرية- التي تتضمن مجموعة الأفكار والمبادئ المتعارف عليها- لا تطابق فيه بالضبط الحياة العملية - التي تتضمن الواقع والوقائع (والواقع السياسي على وجه الخصوص) بحيث يشعر الفكر عندما ينتقل من مجال المبادئ إلى مجال الواقع أنه يخرق حدوداً تفصل بين عالمين.
بينما القضية على غير هذا المنوال في بلاد نهرو- بالنسبة إلى جوهر الأشياء إن لم نقل إلى صورها وأشكالها- لأنها احتفظت بوحدتها بحيث لا ينفصل بين صورة البلاد التقليدية وصورتها العصرية فاصل أكيد، فالروح التي كانت تشع في عصر الفيدا في الممواقف الصوفية، هي التي تشع اليوم في المواقف السياسية في موقف الملايين من الهنود الذين يتمسكون بمبدأ الساتياجراهة.
وهذا الاتصال في التطور ليس بالظاهرة السيكولوجية الزهيدة بحيث لا تثير الاهتمام والتأمل، فهي- حسبما يبدو- تعزى إلى عوامل متعددة وإلى اثنين بالخصوص:
(١) الإطار الأخلاقي الذي تكونت فيه الهند ((العصرية)).
(٢) والأوضاع النفسية الخاصة بشخصية ممتازة، غاندي، الذي تقمص شخصية الهند المعاصرة وأضفى عليها مما وهب له من صفات خاصة، ووجهها بما أوتي من اتجاه روحي، بحيث طبع بطابعه الشخصي رسالتها في العالم.
أما الإطار الأخلاقي فهو يتمثل في نهضة روحية بدأ بصيص فجرها في الروح