ويؤسفنا أن لا نجد من بينهم حتى إقبال، ذلك الفكر الذي لا ينسى، عندما ينكب على مشكلات العالم الإِسلامي، لا ينسى ولا يتناسى ((التصميم العام الذي يشمل الكتلة البشرية كلها)).
لكننا لا نرى واحدا من الكتاب في الغرب أو في الشرق يذكر اسم إقبال من بين تلك الاسماء ونحن سنغض الطرف كمسلمين عن هذا النسيان الغريب، إذ ربما يعود سببه الأول إلى حدة المزاج عند الحافظ الأول لأسماء أهل الكهف في القرن العشرين. وأول سدنة المعبد الذي تحفظ فيه أسماؤهم الخالدة، ونعني رومان رولان.
إننا نتساءل إن لم يكن هذا المؤمن الذي فر بإيمانه من قيود الكنيسة، وهذا الأستاذ الذي زهد في كرسي أستاذيته، وهذا المواطن الفار من حدود القومية الضيقة، ومن حدود الطبقة، ومن كل إِطار رسمي ليكون مجرد انسان ((فوق الخصومة)) (١) - أي في الواقع ليكون في صميم المعركة من أجل الحق والعدالة والجمال- أو بكلمة موجزة: إننا نتساءل إن لم يكن هذا الرجل، الذي تخلص من كل العقد التي يرثها الناس في الغرب من ثقافة القيصرية، لم يتخلص بعد من بعض العقد الموروثة في بلاده ضد الإسلام؟
ولكننا كمسلمين سنغض الطرف عن هذا السؤال أيضاً، لنقول كلمة واحدة: فربما كان الرجل يحمل عن الإِسلام وعن الفكرة الإسلامية صورة مشوهة، كتلك الصورة التي تنقل في بلاد الغرب عن الإِسلام والمسلمين تشويها لسمعتهم.
لكن ينبغي الحذر حتى لا نعطي للخصوم مبررات التشويه، فالهند التي يقودها نهرو لا زالت وفية لمبدأ اللاعنف، أما القطاع من البلاد الذي تولى أمره جناح فإِنه أصبح دولة ألقت بالملايين من المسلمين في سياسة الأحلاف العسكرية
(١) عنوان كتاب لرومان رولان نشره في أيام الحرب العالمية الأولى وقد أثار به ضجة كبرى في أوروبا وفي فرنسا على وجه الخصوص.