دائرة ((الحياة الأهلية))، وقد نتصور أن هذا ((التدخل)) يحدث غالبا خلال حرب استعمارية تكون نتيجتها الأولى تبديد أو تعكير شبكة الصلات التقليدية التي تربط ((الأهلي)) بالوسط الذي يعيش فيه، كاشفة له فجأة عدم جدواها، أمام صلات جديدة يفرضها المستعمر في صورة ((حماية)) على البلاد المحتلة، ويتقبلها ابن البلاد كتعويض عن الصلات التقليدية التي كانت ترتبط بها راحته الشخصية، وفي هذا الوضع الجديد تمتزج، كما يرى المؤلف، صورة ((الإِنسان الأبيض)) عند ((الإنسان الأهلي))، ((بالأغوار النفسية البعيدة عن الشعور، حيث تمتزج بصورة الجد الطوطمي)).
وإذا كان هذا الامتزاج واقعيا، كما يعتقد المؤلف، فإننا نتصور أثره في الحياة الاجتماعية والفردية، ولكن الوثائق التي يستند لها في هذه القضية ليست كلها مسلمات لا تحتمل المناقشة، وبالأخص الوثيقة التي تناولها من الأدب الشعبي، كتلك الأقطوعة التي يقول فيها الشاعر الملغاشي:
كيف فتح أهل أوروبا البلاد؟!
إن هؤلاء الرجال المدهشين أتوا من وراء البحار بسرعة!
والبلاد التي فتحوها أصبحت آمنة.
لم يبق فيها قطاع طرق ولا عبيد لأنهم حرروا.
إن أصحاب العيون الزرقاء أولوا حول وقوة.
إن هذه العينة من الأدب الشعبي الملغاشي لا تقنعنا، لأننا غير واثقين من أنه التعبير الحقيقي عن الفكر الشعبي بمدغشقر، ولأننا نعرف عينات من هذا الأدب في الجزائر، ونعرف أنها لا تعبر عن الروح الشعبي الجزائري، بل نشعر أنها ملفقة تحت إشراف إِدارة الشؤون الأهلية، ونعرف أن الأدب المأجور لا يخص بلاداً دون أخرى، ولا عصراً دون عصر.
ومما يؤيد وجهة نظرنا، هو أن المؤلف نفسه، يعترف، بملاحظة على الهامش