الجو الذي يحيط بالحوادث التي نشير إِليها يمكن تحليله إلى ثلاثة عناصر ذاتية وموضوعية:
١) قصة إبعاد الملك في ظروف معينة.
٢) موقف الوزير بيدو الشخصي منها كمسيحي متعسب ينتقم من الإسلام.
٣) محاولة السلطات الاستعمارية لإضفاء ((اللون المحلي)) عليها، ودور الصحافة الباريسية في تلك المحاولة، كي تعرض إلى الرأي العام القضية على أنها صراع ((محلي)) بين الملك والشخصيات المراكشية التي أشرنا إلى ثلاثة منها.
فالقارئ الذي تتبع مقالتنا بشيء من الامعان، قد شعر لا شك، بأنها كانت مركزة حول هذه النقطة الثالثة بالذات، أي على كشف التدليس الذي كانت تقوم به السلطات الفرنسية، كي تعطي القضية صبغة تناسب السياسة المقررة إزاء مراكش وملكها.
ومن الطبيعي أن تشعر هذه السلطات بشيء من الحرج أمام كل قول يقال، أو سطر يكتب، ليكشف خطتها للرأي العام في ظروف مكهربة تنذر بثورة شاملة في المغرب.
ولا شك أن نصيب مقالتي في هذا الإحراج كان لا يزهد فيه، حتى إنه كان من المتوقع أن ترد تلك السلطات عليه بصورة أم بأخرى.
ماذا كانت الصورة التي ردت بها؟
هنا الحادثة التي نريد عرضها للقارئ كعينة يتصور من خلالها أسلوب ((الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة)) في صورته الواقعية كما صورناه له في الكتاب الذي نشرناه بهذا العنوان.
إن الاستعمار كان يستطيع أن يحطم صاحب المقالة بين السبابة والإِبهام، ولكنه لم يكن يريد تحطيم صاحب المقالة ولكن المقالة نفسها، ومن الطبيعي أنه لو مس شخصي بسوء ظاهر في تلك الظروف لكشف أمره بنفسه، كما أنه لو