الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن خدمة كتاب الله والعناية بتسهيل فهمه أفضل ما اشتغل به المشتغلون من العلوم، ومن أجَلِّ الطاعات، وأعظم القربات، وقد أفنى العلماء أعمارهم ووجهوا هممهم إلى العناية بالكتاب العزيز، فأُلِّفَتْ حوله الكتب الكثيرة في علوم القرآن، وفي تفسيره، وأسباب نزوله، وإعجازه، وقراءاته، وإعرابه، وغير ذلك من أنواعه.
ومما اهتم به الكثيرون: معرفة غريب القرآن، وتفسير غامضه، وشرح ما يصعب فهمه، فقد كَثُرَت التآليف فيه منذ القرون الأولى، وعرفت بأسماء مختلفة؛ كمعاني القرآن، وغريبه، وتفسير مفرداته أو كلماته، وقد اختلف المصنفون في مناهجهم، فمنهم من جَعَلَهُ على حروف المعجم، ومنهم من جعله على ترتيب سور القرآن، ومنهم المُقِل، ومنهم المكثر.
وقد أنعم الله عليَّ ووفقني أن أعيشَ مع كتاب الله منذ صغري حتى حفظته، وكان والدي رحمه الله خير معين لي على مراجعته، وكانت أكثر الأوقات بركة وأعظمها نفعًا تلك التي عشتها مع كتاب الله، ولما كان من تمام المنفعة أن يفهم القارئ ما غمض من الكلمات استعنت بالله على تأليف هذا الكتاب الذي سميته «تفسير غريب القرآن» اخترت فيه أهم الكلمات التي تحتاج إلى بيان، ونقلت شرحها من كتب التفسير وغريب القرآن مما كتبه الأقدمون والمعاصرون، ملتزمة في العقائد بمنهج السلف الكرام، وأسأل الله أن ينفع بالكتاب، وأن يجعل عملي خالصًا لوجهه.