• {الجَوَارِ الْكُنَّسِ} جَمْعُ جَارِيَةٍ، وَحُذِفَتِ اليَاءُ اخْتِصَارًا، والكُنَّسُ: جَمْعُ كَانِسٍ أو كَانِسَةٍ، وهو الظبيُ إذا دَخَلَ كُنَاسَهُ وهو موضعٌ في الشجرِ يَسْتَتِرُ فيه، وأصلُ الكَنْسِ: كَسْحُ القُمَامَةِ عَنْ وَجْهِ الأرضِ، فَمِنْ صِفَاتِ النجومِ أنها خُنَّسٌ، وَأَنَّهَا جَوَارٍ، وأنها كُنَّسٌ.
أما الخُنُوسُ: اخْتِفَاؤُهَا في النهارِ مَعَ وُجُودِهَا في مَنَازِلِهَا كما تختفي الظِّبَاءُ بَيْنَ الأشجارِ في أَكْنِسَتِهَا عن أَعْيُنِ طلابِ صَيْدِهَا، ففي الآيةِ تَشْبِيهُ اخْتِفَاءِ النُّجُومِ في النهارِ باختفاءِ الظباءِ في أَكْنِسَتِهَا، وَتَشْبِيهُ مواقعِ النجومِ بِأَكْنِسَةِ الظباءِ، وهي نجومٌ تَخْنَسُ بالنَّهَارِ وَتَظْهَرُ بالليلِ، وَتَكْنِسُ وَقْتَ غُرُوبِهَا؛ أي: تَسْتَتِرُ كما تَكْنِسُ الظباءُ في المغارِ وهو الكِنَاسُ.
(١٧ - ١٨){وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}: أي: أَقْبَلَ بظلامه أو أَدْبَرَ؛ لأن عَسْعَسَ من أسماءِ الأضدادِ، إلا أن المناسبَ هنا يكون المرادُ به إقبالَ الظلامِ؛ لمقابلته بالصبحِ إذا تَنَفَّسَ، أي: أَضَاءَ وَأَسْفَرَ وَتَبَلَّجَ.