وللشذوذ تعريفات كثيرة جداً ومفصلة، والصحيح الراجح هو تعريف الشافعي بأنه: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه وأكبر وأتقن وأحفظ منه.
مثال ذلك: اختلف شعبة مع سفيان الثوري في اسم راو، فقال العلماء: خذوا من الثوري فهو أضبط من شعبة في الرجال.
فهذا أمير المؤمنين في الحديث، وهذا أمير المؤمنين في الحديث، لكن لما اختلفا رجحنا كفة الثوري؛ لأنه كان أضبط في الرجال من شعبة فمخالفة شعبة للثوري تعتبر شذوذاً.
وضرب له بعض العلماء في علم الحديث حديثين، الحديث الأول:(أن الله جل وعلا قبض قبضة بيمينه فقال: هؤلاء للجنة ولا أبالي، وقبض بيده الأخرى وقال: إلى النار ولا أبالي)، وهذا في صحيح البخاري فقال:(بيده الأخرى) أما في صحيح مسلم صرح فقال: (وقبض بيده الشمال)، عن الأخرى باسمها الشمال أو بوصفها أنها شمال.
فهذه عند المحققين من المحدثين كـ البيهقي من المتقدمين وغيره شاذة، والصحيح الراجح لو رجعت للحديث لرأيت أن الراوي فيها ضعيف، فهو غير ثقة، يعني: غير مقبول، لكن هو قال بالشذوذ لأن الحديث في البخاري ومسلم فلجلالة قدر البخاري ومسلم، قال: إنها شاذة، والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(كلتا يدي ربي يمين)، وكل رواية ذكر فيها شمال فهي ليست صحيحة وهي شاذة مخالفة، وكما قال الخطابي: فإن الشمال توهم بالنقص وهي مخالفة لرواية الثقات الأثبات.
ويضربون أيضاً مثلاً في ذلك بحديث مسلم أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:(سبعون ألفاً يدخلون الجنة)، وقال في وصفهم:(لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون)، وفي رواية:(لا يرقون)، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية بالشذوذ في هذا.
فقوله:(لا يرقون) شاذة؛ لشذوذ في المتن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رقى وجبريل رقى فلا يصح أن يقال: إنها تصح من الحديث.
ومثلوا لذلك أيضاً بتحريك الإصبع في التشهد.
والمقصود أن الشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه إما في الضبط وإما في العدد.
أما في العدد فحديث الإشارة هو أهم ما يضرب مثلاً لذلك؛ لأنه خالف تسعة، والمجلس واحد، فلا يصح أن نقول: هذه المخالفة ليست شذوذاً.