للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أمثلة على الحديث الضعيف]

والأدب في الأحاديث الضعيفة ألا تذكرها بقال رسول الله، ولا بذكر رسول الله، ولا تروي عن رسول الله، بل قل: روي، قيل، بصيغة التمريض، فمن الأمثلة العملية للحديث الضعيف: الحديث الذي روي في الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان) فهذا الحديث ضعيف، لأن فيه بعض الرواة الضعفاء.

وقد ضعف الترمذي هذا الحديث لضعف بعض الرواة، وهذا الحديث صدر به الباب للطيفة جميلة في المتن، وهي الشهادة بالإيمان لمن ذهب إلى المسجد؛ على أن للحديث شاهداً من كتاب الله وهو قوله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة:١٨] ومع ذلك قال علماء الحديث: ليست الآية عاضداً له، أي: أن الشواهد القرآنية لا تعضد الشواهد الحديثية الضعيفة، فلا تقويه ولا تصححه، فهذه هي اللطيفة، وهنالك كتاب مختص بذلك اسمه: تقوية الأحاديث الضعيفة بالشواهد والمتابعات.

وكذلك كتاب الشيخ طارق عوض الله في الشواهد والمتابعات، وهو من أفضل الكتب.

الحديث الثاني: روى الترمذي بسنده عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد).

لا يوجد حديث جاء في إتيان المرأة في الدبر إلا وهو ضعيف، وقد ضعف البخاري كل هذه الروايات، والإتيان من الدبر يمنع من باب القياس، وليس من باب الأثر، بل ورد بإسناد صحيح الجواز عن ابن عمر، وورد بإسناد صحيح عنه أيضاً المنع، والصحيح المنع، والروايات التي جاءت في إتيان المرأة في دبرها أعلها الإمام البخاري رحمه الله، فضعف كل هذه الأحاديث، وإنما حرم هذا الفعل بالقياس، والقياس من حرمة إتيان المرأة الحائض في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢] فحرم إتيان الرجل امرأته وهي حائض للأذى، وأذى الدبر أعظم من أذى الحيض، فالدبر أشد نجاسة من دم الحيض، وإن كانت علة الأذى والنجاسة فيهما سواء، إلا أنه ورد من بعض الأطباء أنه قال: إتيان المرأة في الدبر يسبب أمراضاً شنيعة، فيمنع من باب القياس والطب فقط، أما من باب الأثر فلا، لأن الأحاديث كلها ضعيفة.

وهذا الحديث قال فيه الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، وفيه حكيم وهو ضعيف.

فإذا ضعف الراوي في طبقة من طبقات الإسناد يضعف كل الإسناد.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>