أما التقى، فقالوا: إن كان الراوي فاسقاً لا يؤخذ حديثه، وكانوا ينظرون دائماً في عباداته كصلاته وصيامه ونافلته وذكره ونفقاته، هل يتبع النافلة بالفريضة أم لا؟ وهل يكثر من عبادات الله جل في علاه وقيام الليل وصيام النهار أم لا؟ فإذا وجدوا ذلك وثقوه وأخذوا حديثه، وإلا فلا.
وكانوا ينظرون في الراوي هل هو صاحب بدعة أم لا؟ فإن كان صاحب بدعة ردوا حديثه.
والبدعة نوعان: إما بدعة مفسقة، وإما بدعة مكفرة.
والبدعة المفسقة كبدعة الشيعة والخوارج؛ والشيعة من أكذب الناس، وكذلك بعض الخوارج، وإن قال الشافعي: إنهم أصدق الناس، ولهذا قال أحد رواتهم بعدما رجع إلى أهل السنة والجماعة وانتحل هذا المذهب: لا تأخذوا منا حديثاً، كنا في السمر إذا أعجبنا الحديث ركبنا له الإسناد، ورفعناه للرسول صلى الله عليه وسلم.
وأشهر أحاديث الشيعة التي وضعوها على النبي صلى الله عليه وسلم:(أنا مدينة العلم وعلي بابها)، وأحاديث كثيرة جداً في فضائل قم وضعوها ورفعوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والبدعة المكفرة: كغلو بشر المريسي ومن معه من غلاة الجهمية والمعتزلة، والصوفية الذين يعتقدون بأن الأولياء لهم قوة في تحريك الكون، كما قال قائلهم: إن الأولياء أعطاهم الله القوة لإحياء الجنين في بطن الأم.
فهذه بدعة مكفرة، فنقول: القول قول كفر، والقائل ليس بكافر حتى تقام عليه الحجة وتزال عنه الشبهة، إلا في المعلوم من الدين بالضرورة.
فالبدعة المكفرة أولى من البدعة المفسقة في رد حديث الراوي.
إذاً: الحديث الضعيف: هو الذي اختل فيه شرط من شروط الحسن، أي: يوجد في طبقة من طبقات السند راو ضعيف، والراوي الضعيف يعرف إما بضعف حفظه مع صلاحه وورعه وتقواه، وإما بإتقانه وضبطه مع بدعته وفسقه وفجوره، فلا يؤخذ منهما معاً احتياطاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:(من روى حديثاً يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين، أو أحد الكذابين).
وحكم الحديث الضعيف أنه يرد، والضعف يكون بالرواة إما من ناحية الضبط أو من ناحية العدالة.