[الفرق بين المبهم والمهمل]
إذا ذكرنا المبهم فنذكر المهمل، المهمل: هو أن يروي الراوي عن شخصين متفقين في الاسم ولم ينسبهما.
إذاً: المهمل راوٍ ذكر باسمه لكن لم ينسب، أي: لم يذكر اسم أبيه ولا اسم جده كأن يقول: عن حماد، ويسكت، فإما أن يكون حماد بن زيد، وإما حماد بن سلمة، أو يقول: عن سفيان، فإما أن يكون سفيان الثوري، وإما ابن عيينة.
وللمهمل حالات ثلاث: أولاً: أن يكونا ثقتين، كـ حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وكـ سفيان الثوري وسفيان بن عيينة.
ثانياً: أن يكونا ضعيفين.
ثالثاً: أن يكون أحدهما ضعيفاً والآخر ثقة.
فالحالة الأولى: أن يكونا ثقتين، فهذا لا يضر بالإسناد، وهو علة من علل الإسناد؛ لأنه فيه راو مهمل لم ينسب؛ لكنها علة غير قادحة بالإسناد.
والحالة الثانية: إن كان ضعيفين، فهذا أيضاً لا يضر بالإسناد أو لا يضر بالباحث حتى ندقق القول، لأنهما إن كانا ضعيفين فالسند ضعيف في الحالتين.
والحالة الثالثة: إن كانا أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً، وهذه هي المعضلة، فعلى الباحث أن يبحث ليعرف ويفرق من المقصود، هل هو الثقة أم الضعيف؟ ويعرف الباحث ذلك بجمع الطرق، فإذا جمع الطرق فمن الممكن أن يذكر الاسم منسوباً في إحدى الطرق، أو ينظر في المستخرجات أو بمعرفة التلميذ؛ لأن هناك تلاميذ لـ حماد بن زيد وحماد بن سلمة، فإذا رأى التلميذ الذي روى عن حماد كأنه لا يروي إلا عن حماد بن زيد، فيقول: هذا حماد بن زيد، لأن هذا الراوي لا يروي عن ابن سلمة، وليس من تلاميذ ابن سلمة.
وهذا موجود في تهذيب الكمال، ولا تجده في تهذيب التهذيب لـ ابن حجر؛ لأن تهذيب الكمال للمزي، هو الذي استوعب معظم الشيوخ ومعظم التلاميذ.
إذاً: للحديث المهم ثلاث حالات: الحالة الأولى: كانا ثقتين فلا يضر بالحديث.
الحالة الثانية: إن كانا ضعيفين فلا يضر الباحث؛ لأن الحديث ضعيف.
الحالة الثالثة: إن كان أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً، فلا بد من البحث والتنقيب؛ حتى يعرف هذا المذكور.
مثال ذلك: ما في البخاري، وكثيراً ما يروي البخاري عن شيخ له اسمه أحمد، وله شيوخ آخرون لهم نفس الاسم، فيقول البخاري حدثني أحمد ويجعله غير منسوب، فهذا يكون من باب الراوية التي فيها المهمل.