للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقل الحيض وأكثره]

أما بالنسبة لمسألة أقل مدة الحيض وأكثرها، فقد ذهب الأحناف إلى أن أقل الحيض ثلاثة أيام، بمعنى: أن المرأة إذا نزل منها دفعة واحدة من الدم فلا يعتبر عند الأحناف حيضاً، فلا بد أنه يستمر معها ثلاثة أيام، وأكثر أيام الحيض عشرة أيام، فلو زاد على عشرة أيام فهو دم استحاضة.

أما المالكية فقالوا: لا حد لأقله ولا لأكثره، فلو أن الرحم دفع دفعة واحدة من الدم، أو لحظةً واحدة، فهذا الدم دم حيض عند المالكية؛ لأنه لا حد لأقله ولا لأكثره.

أما عند الجمهور -الحنابلة والشافعية- فقالوا: أقل الحيض يوم وليلة؛ لأن الحائض عندهم لا بد أن يستمر معها الدم يوماً كاملاً، وأكثر الحيض خمسة عشر يوماً.

ويستدلون على ذلك بقول علي بن أبي طالب: (وما زاد عن الخمسة عشرة فهي استحاضة).

ودليلهم على أقل الحيض هو: استقراء عادة النساء، فقالوا: وجدناها يوماً وليلة، والعادة محكَّمةٌ، وهذا قول الشافعية والحنابلة.

وكذلك يستدلون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (النساء ناقصات عقل ودين، قيل: وما نقص دينهن؟ قال: تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي)، فشطر عمرها أي: نصفه، وهو: خمسة عشر يوماً بالنسبة للشهر، ففيه دلالة على أن أقصى مدة هي: خمسة عشر يوماً ليس بصحيح، بل هو ضعيف، والراجح في ذلك والذي دلت عليه الآثار ويدل عليه النظر أن الحيض لا حد لأقله ولا حد لأكثره عند شيخ الإسلام لكن الصحيح أن هناك حداً لأكثره، فإذا أرخى الرحم دفعة واحدة من الدم فهو حيض، ولو لحظة، ولا بد أن تكون دفعة كبيرة، ليس نقطة أو نقطتين؛ لأن النقطة والنقطتين كما قال علي بن أبي طالب ليست من الحيض، أي: لا تؤثر، فهي معفوٌ عنها، ودليل ذلك أن الله علَّق الحكم على وجود الدم، فإن وجد الدم فهي حائض، ولو ارتفع الدم فهي غير حائض؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢]، أي: إذا نزل فهو حيض، وإن لم ينزل فليس بحيض.

أما لو شعرت المرأة بدم الحيض داخل الفرج ولم يخرج فلا تعتبر حائضاً؛ لأن الحكم يدور مع وجود الدم، هذا هو الصحيح.

أما أكثر أيام الحيض، فالصحيح الراجح أن أكثر أيام الحيض خمسة عشر يوماً، فلو زاد الدم عن خمسة عشر يوماً فهو دم استحاضة، وعند ذلك ننظر في عادتها هل هي ستة أو سبعة أيام؟ والباقي كله نجعله استحاضة؛ لأنه لا يعقل أن تكون أكثر أيام المرأة لا تتعبد لله فيها أبداً، فهذا مخالف لمقاصد الشريعة والتكليف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تمكث ليالي لا تصلي)، أي: أنه حدد الأوقات التي لا تصلي فيها، ولو كان أكثر عمرها كذلك لقال النبي صلى الله عليه وسلم: تمكث أكثر أيامها لا تصلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>