للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج]

وأما ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، فقد اختلف العلماء في ذلك: فجماهير أهل العلم: يرون بأن الرجل يحل له من امرأته المباشرة والتقبيل والضم والتمتع بها كيفما شاء، حتى ما بين السرة والركبة.

واستدلوا على ذلك بما جاء عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: (كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنباً، وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض).

الشاهد في الحديث قولها: (فأتزر).

ومعلوم أن الإزار أقل شيء أنه يغطي الركبة، فهذه دلالة واضحة جداً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يباشرها في ما بين السرة والركبة، وهذا الذي تعلق به الجمهور.

والصحيح الراجح الذي لا محيد عنه، وهو الذي رجحه النووي وخرج عن قول الشافعي في ذلك، أو هو قول الشافعية ولكن خرج عن قول الجمهور ومنهم الشافعي: أنه يجوز للمرء أن يصنع كل شيء، ويتمتع بكل جزئية من المرأة إلا الفرج.

فإن اعترض معترض وقال: إن هذا ذريعة للإيلاج؛ لأن الإنسان كلما حام حول الحمى وقع فيه.

فنقول: إن هذا الذي يملك إربه فهذا حلال له، وأما الذي لا يملك إربه فحرام عليه أن يفعل ذلك، وهذا من باب سد الذرائع؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.

إذاً: الصحيح الراجح في ما يحق للرجل من امرأته الحائض: أن يأتيها من كل مكان، ويجتنب الفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء سوى النكاح)، أو (إلا النكاح) والمقصود بالنكاح هنا: الوطء في الفرج.

فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء)، نص في العموم، فله أن يقبل ويباشر ويضم، ويضنع كل شيء، وفي كل مكان دون الفرج؛ لأنه قال: (سوى النكاح)، أي: دون الوطء في الفرج؛ لأن النكاح هنا معناه: الوطء في الفرج.

وأما الدبر فقد جاءت فيه أدلة أخرى، وإن كانت أدلة فيها ضعف، لكنها متعاضدة، بأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم إتيان المرأة في دبرها، ولذلك قال: (ائتها مقبلة مدبرة)، تفسيراً لقول الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:٢٢٣].

فقال: (مقبلة مدبرة، واتق الحيضة والدبر).

وأما الرد على قول الجمهور: بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يباشر عائشة رضي الله عنها وأرضاه بعدما تتزر، وإذا أراد امرأة من نسائه ألقى عليها شيئاً تتزر به.

فنقول: هذا حكاية فعل، والقول مقدم على الفعل.

فقد قال: (اصنعوا كل شيء سوى النكاح).

وهذا الفعل على الأحوط والأفضل، ونحن نقول: الأحوط والأورع أن الإنسان إذا أراد أن يتمتع بامرأته الحائض ألا يقترب مما بين السرة إلى الركبة، وإذا كان مالكاً لإربه ولنفسه فله أن يتمتع بكل جزئية من امرأته.

<<  <  ج: ص:  >  >>