أجمع أهل العلم على تحريم وطء المرأة الحائض، ومن فعل ذلك فقد فعل كبيرة، ولا بد أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ومن استحل وطء المرأة في الحيض فقد كفر، فعل أو لم يفعل، فمن قال: الخمر حلال، وقرئ عليه قوله تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ}[المائدة:٩٠]، وبينت له الآية، فقرأها وعقل معناها، ثم قال: الخمر حلال.
فهذا مستحل، شرب أم لم يشرب، وهو كافر؛ لأن الاستحلال -والعياذ بالله- معلوم بالدين بالضرورة أنه يكفر صاحبه؛ لأنه مكذب لله، فكذلك من وطئ المرأة الحائض في حيضها واستحل ذلك فقد كفر؛ لأنه مكذب لله جلا في علاه.
ودليل حرمة إتيان الرجل المرأة الحائض قول الله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}[البقرة:٢٢٢]، ثم قال الله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرن}[البقرة:٢٢٢].
وهذه الآية مجملة، وظاهرها: عدم القرب من المرأة الحائض، سواء بالمس أو بالمباشرة أو بالتقبيل أو بالضم.
وقد يبن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإجمال وفسره بفعله، فعن عائشة:(أنه كان يلقي عليها إزاراً تتزر، فيباشرها وهي حائض).
إذاً: قول الله تعالى: ((وَلا تَقْرَبُوهُنَّ))، ليس على عمومه، ولا على إطلاقه، بل هو مقيد إما بالفرج، وإما بما بين السرة والركبة.