[أحكام الحيض]
الأحكام التي تتعلق بالمرأة الحائض: أولاً: يحرم على الحائض الصلاة والصوم، فالمرأة إذا حاضت فإنها تترك الصلاة والصوم، وإن فعلت أثمت بذلك؛ لأن الله حرمهما عليها حين حيضها.
روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ فذلك نقصان دينها).
وفي رواية أخرى في مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا معشر النساء! تصدقن، وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقالت امرأة منهن جزلة -أي: عاقلة فقيهة-: وما لنا يا رسول الله! أكثر أهل النار؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير).
قوله: (تكثرن اللعن) أي: بالسب والشتم واللعن والتعدي على الحدود.
وقوله: (وتكفرن العشير) أي: أن الرجل يأتي لها بكل خير، والأصابع كلها تضيء لها كالشمعة، ثم بعد ذلك ترى منه ما تكره مرة واحدة، فتقول: لم أرَ منك خيراً قط، وتجحد كل هذه النعم مرة واحد، وجعلتها خلفها ظهرياً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الراشد منكن.
قالت: يا رسول الله! وما نقصان العقل والدين؟ فقال: فأما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل -فهذا نقصان العقل- وتمكث الليالي لا تصلي، وتفطر في رمضان؛ فهذا نقصان دينها).
الشاهد قوله: (تمكث الليالي لا تصلي)؛ لأنها حائض.
إذاً: الحكم الأول: لا يجوز للمرأة أن تصلي، ولا يجوز لها أن تصوم عندما تكون حائضاً، وأمهاتنا والعوام من النساء كثيراً ما يقع منهن في رمضان إذا حاضت قالت: لا يمكن أن أفطر، فتأتي إلى آخر اليوم قبل غروب الشمس وتقول: أشرب جرعة ماء أجرح صيامي فقط، وهذا تنطع في الدين، ومخالفة صريحة، وهي قد أثمت مرتين؛ لأنها لم تأخذ بالحرمة التي حرم الله عليها بأن تصوم، والثاني: أنها منعت نفسها مما هو مباح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) وإن كان ليس نصاً في هذه المسألة لكني أستأنس به، فعلى المرأة أن تفطر، وليس عليها ثمت حرج أن تفطر في يوم رمضان إذا كانت حائضاً.
وفي سنن أبي داود عن فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولتدع) أي: تترك الصلاة: (من كل شهر أيام أقرائها) أي: أيام حيضها، ونستدل بهذا الحديث على مسألة مهمة جداً قد مضت، وهي: هل القرء هو الحيض أم الطهر؟ وهل عدة المرأة بالحيض أم بالطهر؟ في هذا الحديث دلالة على أن القرء هو الحيض؛ لأنه قال: تدع الصلاة أيام أقرائها، أي: أيام حيضها لا أيام طهرها، فهذه دلالة على أن القرء يطلق على الحيض.
وفي البخاري أيضاً عن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها وأرضاها قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة) هذا هو الشاهد: فإذا أقبلت الحيضة، أي: في الحيض يحرم عليك أن تصلي، قال: (فإذا أدبرت فاغتسلي وصلي).
وفي سنن أبي داود أيضاً عن أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصلي).
فهذه الأدلة كلها متعاضدة على أن المرأة إذا حاضت لا تصلي ولا تصوم.
وأما حكم قضاء الصلاة: فقد أجمع أهل السنة والجماعة على أن المرأة إذا حاضت لا تصلي، ولا قضاء عليها إلا في قول شذ به بعض الخوارج، والخوارج إذا خالفوا فإن خلافهم لا يعتد به، ومستند أهل السنة والجماعة في الإجماع: حديث الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها: (عندما سألتها معاذة فقالت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، فقالت: كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله فنقضي الصوم ولا نقضي الصلاة).
فإذاً: المرأة لا تقضي الصلاة ولكنها تقضي الصوم.