للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية تعلم أحكام الحيض]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد: لما كانت الطهارة أساساً في حياة المسلم وشرطاً لقبول عمله، كان حرياً بكل مسلم ومسلمة أن يتفقه في أحكامها، لا سيما وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)، وتدخل المسلمة تحت حكم المسلم؛ لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (النساء شقائق الرجال) أي: في الأحكام.

وقد اختص الله تعالى النساء بأحكام مستقلة في باب الطهارة تتعلق بالحيض والنفاس، وما تفرع على ذلك من مسائل.

وقد حرصت النساء منذ العهد الأول على التفقه في أمر الدين وما يتعلق بهن من أحكام، ولذلك كانت تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها مادحةً نساء الأنصار: (نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين).

وأشهر قصة تدل على ذلك هي: أن أم سليم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، ماذا على المرأة إن هي احتلمت؟) هذه الكلمة كانت فجيعة بالنسبة لـ أم سلمة وعائشة، فلم يكن يعرفن ذلك، لكن انظروا إلى أم سليم فقد علمت أنه لا حرج في الدين، والدين كله حياء، ومن قال: لا حياء في الدين فقد أخطأ، والصواب أن يقول: لا حرج في الدين.

فـ أم سليم قالت: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، ماذا على المرأة إن هي احتلمت؟ فضربت أم سلمة على فمها وقالت: أو تحتلم النساء؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: رحمك الله! فمن أين يأتي الشبه -أي: شبه الولد بأمه- فقالت عائشة: تربت يداك! فضحتِ النساء، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: بل تربت أنت يداك! نعم عليها الغسل إذا رأت الماء)، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليها السؤال، ولكل امرأة أن تفعل ذلك، وهذه ممدحة في حقها وليست مذمةً، فكن يسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل شيء يخصهن، حتى تأتي المرأة بالثوب وتقول: إن إحدانا يصيب ثوبها الحيض، أتصلي به المرأة أم لا؟ فيشرح لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الأمر.

وسنتكلم عن باب أفرد له الإمام النووي قرابة ثلاثمائة صفحة في المجموع يتكلم فيه، وعن مشكلاته ومعضلاته.

ومن العجب العجاب أن أكثر النساء لا يفقهن شيئاً عن حالهن، ولا يعرفن شيئاً عن الأمر الذي يخصهن كالحيض وغيره، لذا يجب وجوباً عينياً على كل امرأة أن تتفقه في مسائل الحيض والنفاس، بل ويجب على كل زوج أن يتعلم هذا الفقه لكي يُعلِّم امرأته، حتى لا يأتي الدم وهي لا تعلم أهذا دم حيض أم دم استحاضة أم دم نفاس؟! وحتى لا تأتي لتسأل زوجها فيقول: أنا لا أحيض، فلا أعرف هذه الأحكام؛ لأنها لا تخصني.

لذا فلا بد للمرأة أن تتعلم العلم الذي يترتب عليه صحة العبادة وبطلانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>