إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فما زلنا مع رسالة: لكل امرأة، مع الأحكام التي تتعلق بالمرأة حال حيضها، وسنتكلم بمشيئة الله على حكم مهم ألا وهو: حكم الصيام للمرأة الحائض.
فأقول: يحرم على المرأة الحائض الصوم، سواء أكان فرضاً أم نافلة، كما تحرم عليها الصلاة، فيجتمع الصوم والصلاة بالنسبة للحائض في الحرمة، فإنه يحرم عليها الصوم كما تحرم عليها الصلاة، فإذا صامت فإنه لا يصح منها هذا الصوم وتكون آثمة؛ لأنها خالفت نهي النبي صلى الله عليه وسلم، وخالفت نهي الله جل في علاه لها بالصوم في حال حيضها، فإذا صامت واستحلت الصيام حال حيضها كفرت بذلك؛ لأنها كذبت بقول الله، وكذبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم، أما إذا فعلت ذلك جهلاً منها، ثم علمت فتابت فلا شيء عليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) والجهل أخو النسيان.
والدليل على أنها إذا حاضت لا تصوم: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أليس إذا حاضت لم تصم ولم تصل) فهذه خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم يراد به الإنشاء، أي: إذا حاضت لا تصوم، فيحرم عليها الصوم.
والدليل الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها التي أخبرت فيه: أن الدم كان يصيب ثوب إحداهن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تصوم ولا تصلي، وتؤمر بقضاء الصوم.