قال المصنف رحمه الله تعالى: [عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، وكان ابن عمر يقول:(إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك)].
إن عظمة نبينا صلى الله عليه وسلم متعددة، لكن من عظمته علمه بأصحابه، وفراسته فيهم، وتوخيه بالخطاب الذي يوجهه لكل صحابي، فلما غلب على ظنه أن معاوية سيملك قال له:(يا معاوية إذا ملكت فاعدل)، ولما رأى ضعف أبي ذر قال له:(لا تحكم بين اثنين)، ولما جاءه رجل كأنه لاحظ فيه الحدة، قال له:(لا تغضب).
وابن عمر رضي الله تعالى عنهما من أكثر الصحابة زهداً وتقوىً، وقد عمر حتى بلغ الثمانين، ومات في عهد بني أمية أيام ولاية الحجاج لـ عبد الملك بن مروان، وهذا الصحابي منذ أن نشأ كان تقياً زاهداً ورعاً في الدنيا، وهنا يخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بمنكبيه، والمنكب: مجمع الكتف مع العضد، فقال له صلى الله عليه وسلم لأنه تفرس فيه أنه اختط لنفسه طريق الزهد، فقال له:(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).