[مشروعية القصاص أو العفو الراجعين إلى أولياء الدم]
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، قال الله جل وعلا بعد أن ذكر هذه العضات الجليلات، والآيات البينات:{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}[المائدة:٣٢].
أيها المؤمنون! كان الناس بشرع من الله من لدن آدم إلى يومنا هذا، والشرائع على اختلافها اتفقت على تحريم القتل، فقد منع الله الاعتداء على الدماء، وشرع القصاص ردعاً وكفاً للظالمين والمجرمين، كل ذلك ليعلم العباد جميعاً أن سفك الدماء من أعظم الحرمات، قال صلى الله عليه وسلم:(لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها؛ لأنه أول من سن القتل)، فالمؤمن يتقي الله جل وعلا في دماء المسلمين، ويتقي الله جل وعلا في أعراضهم، ويتقي الله جل وعلا في أموالهم، على أن الله جل وعلا شرع لأولياء الدم ثلاثة أمور: إما المطالبة بالقصاص، وإما الرضا بالدية، وإما العفو.
وطرائق القتل تختلف: فما كان قتلاً عن مشاحنة وخصومة عارضة فتغليب العفو هنا أفضل، قال الله جل وعلا:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة:٢٣٧]، وقال جل وعلا:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى:٤٠]، وأما ما كان عن ظلم وغدر وانتهاك أعراض فإنه قد يبعد العفو أن يكون الأفضل، وليس الأمر على إطلاقه، ولكن كل حادثة تقدر بقدرها.
ألا وصلوا وسلموا على خير من عفا، السابق إلى كل فضل ومجد، المولود في مكة المسترضع في بني سعد، نبينا الأمين الحبيب الصادق الوعد، إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل على محمد ما تلاحمت الغيوم، وما تلألأت النجوم، وارض اللهم عن أصحاب محمد من المهاجرين والأنصار، وارحمنا اللهم معهم بمنك وكرمك يا عزيز يا غفار! اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم إنا نسألك الإيمان والعفو عما مضى وسلف وكان من الذنوب والآثام والعصيان، اللهم إنا نسألك لباسي العافية والتقوى، وأن توفقنا ربنا لما تحب وترضى، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، اللهم واجزه عن الإسلام وأهله خير الجزاء، اللهم وارفع اللأواء والضراء عن إخواننا في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال يا رب العالمين! اللهم فك أسرى المأسورين من المسلمين، اللهم فك أسرى المأسورين من المسلمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.