أما بعد: عباد الله! فإن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بينه لأمته من الطرائق الواضحة الغراء والمحجة البيضاء: أنه دعا أمته في زمن الفتن أن يكثروا من العبادة، قال صلى الله عليه وسلم:(العبادة في الهرج كهجرة إلي).
والمعنى: أن الإكثار من العبادة في زمن الفتن يعادل الهجرة إليه صلى الله عليه وسلم لو كان حياً، وذلك لأن الناس في زمن الفتن يغفلون عن العبادة، فحثهم صلى الله عليه وسلم وهو أتقى الخلق لربه، وأعلم العباد بالشرع، حثهم على الإكثار من العبادة في زمن الفتن، ولا ريب أن الناس في زماننا هذا قد أحاطت بهم الفتن، فتن المال، وفتن النساء، وفتن القتل، وغيرها.
فأما فتن القتل والهرج فإن الهدي والسنة فيها: الاستمساك بالكتاب والسنة، والاعتصام بحبل الله المتين، والبقاء على بيعة ولي الأمر المسلم، والحرص على أن يكون المسلم مع جماعة المسلمين لا يشذ عنهم.
وأما القضاء على فتن الشهوات: فيكون بعظيم الإيمان الناجم عن كثرة العبادة كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فإن كثرة العبادة إقبال على الله، والإقبال على الله يجعل المرء قريباً من رحمته تبارك وتعالى وهدايته وتوفيقه.
ألا وصلوا وسلموا على ذي الوجه الأنور، والجبين الأزهر، الشافع المشفع في عرصات يوم المحشر، إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن أصحاب نبيك أجمعين بلا استثناء، وخص اللهم منهم الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين! اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم إنا نسألك قلوباً تخلص لك، ترضى بقضائك، وتشكرك على نعمائك، وتصبر على بلائك يا ذا الجلال والإكرام! اللهم إنا نسألك قلوباً تشتاق كل الشوق إلى لقائك يا ذا الجلال والإكرام! فارزقنا اللهم لقائك والنظر إلى وجهك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، في عفو وعافية منك يا أرحم الراحمين! اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم وفقه بتوفيقك، وأيده بتأييدك، اللهم وانشر الخير العميم على بلاد المسلمين كلها يا رب العالمين! اللهم اجمعهم على الحق، وأيدهم بالفضل يا ذا الجلال والإكرام! اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك ربنا من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.