وفي هذا الخبر يخبر الله عن سنن التسخير، وكيف خرج كليم الله وهذا العبد الصالح يقطعان البحار والقفار والطرائق حتى يصلا إلى جدار ليقيماه رحمة من الله بهذين اليتيمين، ثم قال الله جل وعلا معللاً:{وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}[الكهف:٨٢]، إنه لم يدخر والد لولده ذخراً أعظم من أن يكون الأب صالحاً في نفسه؛ فإن الأب إذا كان صالحاً في نفسه حفظ الله جل وعلا من بعده ذريته بصلاحه.
روي أن محمد بن كعب القرظي -أحد أئمة السلف من أهل التفسير رحمه الله- رزق مالاً فجأة، وكان المال كثيراً فتصدق به إلا قليلاً جداً، فعاتبه الناس وقالوا له: لو أبقيت هذا المال لولدك؟ فقال رحمه الله: جعلت المال ذخراً لي عند ربي، وجعلت لربي ذخراً لي عند ولدي.
وهذه منازل عالية لا يعطاها كل أحد، والموفق من وفقه الله جل وعلا.