أيها المؤمنون! ومما ينبغي أن يعلم أن على الإنسان أن يحذر حذراً شديداً من الضرب لمجرد الضرب، كأن يضرب للتشفي، ولأسباب ذاتية شخصية، ولو زين له الشيطان أنه يفعل ذلك لصالح عام، كمن يضرب زوجته على وجهها أمام أولادها بنين وبنات، فإن هذا وإن زعم أنه يقوم بيتاً أو يصلح حالاً إنما يغرس الغل والأحقاد في قلوب أبنائهم وبناتهم، فربما لم يجد من يترحم عليه بعد وفاته، ومن المحال أن تجني من الشوك العنب، كما أنه ينبغي للإنسان أن يعلم أنه لا يحق له شرعاً أن يضرب إلا من كتب الله له ولاية عنده، ضرباً غير مبرح، أما سائر من حولنا فإذا أخطئوا علينا فبيننا وبينهم القضاء، أما أن يترك الإنسان لنفسه أن يضرب من شاء متى شاء، مستمداً قوته من سلطان أو جاه أو مال أو غيره، فكل ذلك محرم شرعاً.
روى الإمام مسلم في الصحيح من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه وأرضاه، قال:(كنت أضرب غلاماً لي، فسمعت صوتاً يقول: لله أقدر عليك منك عليه، قال: فالتفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيته قلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله، فقال: أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار)، فهذا صحابي شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم ما شهد من الغزوات، ومع ذلك قال له نبينا صلى الله عليه وسلم ما قال، فليحذر المؤمن أن يقترف إثماً في حق إخوانه المؤمنين، من تعد على مال أو عرض، أو على نفسه من باب أولى.