[شرح مقدمة الناظم]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم].
ابتدأ بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه كان يفتتح رسائله بالبسملة، كما في رسالته في الصحيحين إلى هرقل عظيم الروم.
[الحمد لله]: الحمد هو ذكر محاسن المحمود محبة له وإجلالاً، وكذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يفتتح خطبه بالحمد.
وأما ما جاء أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (كل كلام لا يبدأ بالحمد فهو أقطع)، فإن هذا الصواب أنه مرسل، والمرسل نوع من أنواع الحديث الضعيف، ولكن -كما تقدم- كان عليه الصلاة والسلام يفتتح خطبه بالحمد.
قال رحمه الله: [الحمد لله العلي الأرفق وجامع الأشياء والمفرق] فهو جل وعلا يجمع الأشياء بأوصاف مشتركة ويفرق بينها، فهناك أوصاف تفرق وهناك أوصاف تجمع، فالإنسان والحيوان بينهما أوصاف كثيرة مشتركة، ولذا فإن الرجل إذا ذهب عقله كان كالحيوان تماماً.
ولذا فإن الذي يفرق بين الإنسان والحيوان هو العقل الذي هو مناط التكليف، والذي لأجله علمه الله جل وعلا البيان.
فلابد أن يعتني طالب العلم بمعرفة الأشياء التي تجمع والأشياء التي تفرق؛ حتى لا يلتبس عليه الأمر، ولذا فإن علم الفروق من العلوم المهمة جداً لطالب العلم، فتجد بعض طلبة العلم لا يحسن معرفة الفروق فيقع في أخطاء، وأوضح هذا بمثال، يقول العلماء: إن من تجاوز الميقات ولو جاهلاً أو ناسياً فإن عليه دماً إلا أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه.
إذاً لم يعذروه بالنسيان والجهل، فإذا تجاوز الميقات وهو ساهٍ فلم يحرم يقولون له: إما أن ترجع إلى الميقات أو تذبح دماً، ويقولون: على الصحيح من أتى محذوراً من محذورات الإحرام ناسياً فلا شيء عليه، وبعضهم يفرق بين المحذور الذي فيه إتلاف كالحلق والمحذور الذي لا إتلاف فيه كالطيب.
فيعذر في الثاني دون الأول.
فتجد من لا يفرق بين الأمرين فيقال له: هذا محذور فهو من باب التروك، وهذا واجب فهو من باب الأفعال ليس من باب التروك، فإحرامك من الميقات هذا من باب الأفعال، فمن نسي فلم يأت به فعليه أن يأتي به أو يجبره بدم كالذي يترك التشهد الأول في الصلاة، يجبره بسجود السهو.
لكن الذي يصلي وعلى ثوبه نجاسة هذا من باب التروك، ولذا فإن أصح القولين أننا نقول: إنه لا يعيد صلاته إذا صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً أو جاهلاً؛ لأن هذا من باب التروك.
قال رحمه الله: [ذي النعم الواسعة الغزيرة] قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:٣٤].
قال رحمه الله [والحكم الباهرة الكثيرة ثم الصلاة مع سلام دائم على الرسول القرشي الخاتم وآله وصحبه الأبرار الحائزي مراتب الفخار] الفخار يعني: الشرف.
[اعلم هديت أن أفضل المنن علم يزيل الشك عنك والدرن] أفضل ما يمن به الله جل وعلا على العبد العلم النافع الذي يزيل الشك عنه والدرن، يعني: يزيل مرض الشبهات فتكون ذا يقين، ويزيل مرض الشهوات فتكون تقياً تاركاً للشهوات.
والدرن: الأوساخ.
فالعلم النافع يزيل الله عز وجل به عن العبد هذين المرضين: مرض الشبهات ومرض الشهوات اللذين يفسدان على المرء قلبه.
قال رحمه الله: [ويكشف الحق لذي القلوب ويوصل العبد إلى المطلوب] قوله: (ويكشف الحق لذي القلوب) أي: فيكون العبد على بصيرة من أمره، قد انكشف له الحق، قال جل وعلا: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة:١١٥].
قوله: [ويوصل العبد إلى المطلوب]؛ المطلوب هو رضا الله جل وعلا وجنته.
قال رحمه الله: [فاحرص على فهمك للقواعد جامعة المسائل الشوارد] فالقواعد الفقهية تجمع المسائل الشوارد، وهي تجمع مسائل كثيرة -كما تقدم- من أبواب متفرقة.
قال رحمه الله: [فترتقي في العلم خير مرتقى وتقتفي سبل الذي قد وفقا] هكذا ينبغي أن يكون طالب العلم، أعني: أن يأخذ بالعلم من طريقه الذي سلكه من قبله من أهل العلم، فإذا تعلم هذه القواعد وكان أيضاً قد تعلم علم أصول الفقه، واشتغل بالعلم من طريقه الذي سلكه من كان قبلنا من أهل العلم؛ فإنه يصل بإذن الله.
قال رحمه الله: [وهذه قواعد نظمتها من كتب أهل العلم قد حصلتها] فهذه القواعد التي نظمها الشيخ قد حصلها من كتب أهل العلم لكنه نظمها ليقربها.
قال رحمه الله: [جزاهم المولى عظيم الأجر والعفو مع غفرانه والبر]