للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأهلكتها قبل الانتفاع بها، وتحول النبات النضر مهشوما تفرقه الرياح كأن لم يكن، وكان الله على كل شىء مقتدرا، فهو القادر على الإحياء والإفناء، والكل بيده، وإليه

المصير.

أمثلة شاخصة ناطقة تعرض نماذج أولئك الطغاة الذين يظلمون أنفسهم، وينقضون عهد الله من بعد ميثاقه بتوحيده وشكره وطاعته، وتذكره فى كل حين، فهذه هى سمات المؤمن الحق، إن أصابته نعماء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، أما من ينسى الله فى وقت النعمة، والراحة، والطمأنينة، ولا يذكره إلا فى وقت الشدة والضيق ووقوع المصائب، فلن تكون حاله إلا حال ذلك النبات الذى صار هشيما تذروه الرياح بفقدان عمله، وضياع ثوابه، وذهاب أجره يوم القيامة.

٥ - قال الله تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ [الحديد: ٢٠].

سبقت هذه الصورة الموضحة لحقيقة الدنيا، وما بها من مظاهر الغرور بآيات تبين مواقف جديرة بالإعجاب والتقدير، وأخرى لا ينال أصحابها إلا الخزى، والعذاب المهين.

أما مواقف التقدير، فينالها الذين استجابوا لدعوة الله فى الإنفاق فى سبيله، وبذل المال عن طواعية ورغبة فى الأجر من الله، ذلك الأجر المضاعف فى ثوابه ونعيمه، ولأولئك الذين آمنوا بالله وبما أنزل وأرسل، ثم جاهدوا فى الله حق جهاده، وفى سبيل نشر كلمة الله منهم بذل، وعقيدة، وتضحية نفس متكاملة فى إيمانها لا تغتر بما فى الدنيا من مغريات المال، وحب النفس، والشهوات والتفاخر بالأهل والعصبية واللهو والزينة واللعب.

أما الذين كفروا بربهم وكذبوا بآيات الله، فقد حرموا هذه المنزلة التى ساقها الله فى أول الآيات، ولا منزلة لهم إلّا فى الدرك الأسفل من النار، ملازمون لها، لا ينفكون عنها بحال.

إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ

<<  <   >  >>