للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن لم يصانع في أمور كثيرة ... يضرس بأنياب، ويوطأ بمنسم

ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره ومن لا يتق الشتم يشتم

ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله ... على قومه، يستغن عنه، ويذمم

ومن يوف لا يذمم. ومن يهد قلبه ... إلى مطمئن البر، لا يتجمجم

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه، ... وإن يرق أسباب السماء بسلم

ومن يعص أطراف الزجاج فإنه ... يطيع العوالي ركبت كل لهذم

ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم

ومن يغترب يحسب عدوا صديقه ... ومن لا يكرم نفسه لا يكرم

ومهما تكن عند امرئ من خليقة ...

وإن خالها تخفى على الناس

تعلم

[لبيد بن ربيعة]

توفي سنة (٦٨٠) م و (٦٠) هـ- هو (لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري) وكنيته (أبو عقيل) . وهو صحابي أدرك الجاهلية والإسلام. عاش خمسا وأربعين سنة بعد المئة (١٤٥) ، وقيل خمسا وخمسين بعد المئة (١٥٥) .

وكان يقال لأبيه: (ربيعة المقترين) لجوده وسخائه. وعمه هو (أبو براء عامر بن مالك) الملقب بملاعب الأسنة. لقب بذلك لقول (أوس بن حجر) فيه: فلاعب أطراف الأسنة مالك،_فراح لها حظ الكتيبة أجمع وقد وفد وقومه (بني جعفر بن كلاب) على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه. وأسلم قومه.

وكان (لبيد) و (علقمة بن علاثة) العامريان من المؤلفة قلوبهم.

وهو معدود من فحول الشعراء المجيدين في الطبقة الثانية.

[حاله قبل الإسلام]

كان من شعراء الجاهلية وأجوادهم وفرسانهم. ومن سيرته أن (الحارث الغساني) وهو المعروف بالأعرج وجه إلى (المنذر بن ماء السماء) مئة فاس وأمر عليهم (لبيدا) فساروا إلى عسكر (المنذر) . وأظهروا أنهم أتوه داخلين عليه في طاعته. فلما تمكنوا من قتلوه، وركبوا خيلهم. فلحقهم القوم، فقتلوا أكثرهم، وكان فيمن نجا (لبيد) فأتى ملك (غسان) فأخبره. فحمل (الغسانيون) على عسكر (المنذر) فهزموهم في اليوم المعروف ب- (يوم حليمة) . هي بنت ملك غسان. وكانت طيبت هؤلاء الفتيان، وألبستهم الأكفان.

و (يوم حليمة) هو الذي يقول فيه الشاعر:

تخيرن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم، قد جربن كل التجارب

[قدومه على النعمان بن المنذر]

كانت دلائل النباهة والنجابة بادية على (لبيد) منذ حداثة سنه. يدلك على ذلك ما جرى له مع (الربيع بن زياد) عند (النعمان بن المنذر) .

وذلك كما قال (ابن الأعرابي) : وفد (أبو براء ملاعب الأسنة) وهو (عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب) وإخوته (طفيل) و (معاوية) و (عبيدة) ومعهم (لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر) وهو غلام، على (النعمان بن المنذر) . فوجدوا عنده (الربيع بن زياد العبسي) . وكان (الربيع) ينادم (النعمان) مع رجل من تجار الشام يقال له (زرجون بن نوفل) .

فلما قدم الجعفريون "وهم لبيد وقومه" كانوا يحضرون (النعمان) لحاجتهم. فإذا خلا (الربيع) بالنعمان طعن فيهم وذكر معايبهم. ففعل ذلك بهم مرارا. وكانت (بنو جعفر) له أعداء فصده عنهم. فدخلوا عليه يوما فرأوا منه تغيرا أو جفاء "وكان يكرمهم قبل ذلك ويقرب مجلسهم" فخرجوا من عنده غضابا. و (لبيد) في رحالهم يحفظ أمتعتهم، ويغدو بإبلهم كل صباح فيرعاها. فإذا أمسى انصرف بإبلهم. فأتاهم ذات ليلة فألفاهم يتذاكرون أمر (الربيع) وما يلقون منه، فسألهم فكتموه، فقال لهم: "والله لا أحفظ لكم متاعا ولا أسرح لكم بعيرا أو تخبروني فيم أنتم "وكانت أم (لبيد) امرأة من بني عبس، وكانت يتيمة في حجر الربيع" فقالوا: "خالك قد غلبنا على الملك وصد عنا وجهه". فقال لهم (لبيد) : "هل تقدرون على أن تجمعوا بيني وبينه فأزجره عنكم بقول ممض، ثم لا يلتفت إليه النعمان بعده أبدا؟ فقالوا: "هل عندك من ذلك شيء؟ ". قال: "نعم قالوا: "فإنا نبلوك بشتم هذه البقلة". (وكان قدامهم بقلة دقيقة القضبان قليلة الورق لاصقة بالأرض تدعى التربة) فقال:

<<  <   >  >>