للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخبرك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغى، وأعف عند المغنم

ومدجج (كره الكمأة نزاله ... لا ممعن هربا ولا مستسلم

جادت له كفي بعاجل طعنة ... بمثقف، صدق الكعوب، مقوم

فشككت بالرمح الأصم ثيابه، ... (ليس الكريم على القنا بمحرم)

فتركته جزر السباع ينشنه، ... يقضمن حسن بنانه والمعصم

نبئت عمرا غير شاكر نعمتي ... والكفر مخبثة لنفس المنعم

ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى، ... إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم

في حومة الحرب التي لا تشتكي ... غمراتها الأبطال، غير تغمغم

إذ يتقون بي الأسنة، لم أخم ... عنها، ولكني تضايق مقدمي

لما رأيت القوم أقبل جمعهم ... يتذامرون، كررت غير مذمم

يدعون عنتر، والرماح كأنها ... أشطان بئر في لبان الأدهم

ما زلت أرميهم بثغرة نحره ... ولبانه، حتى تسربل بالدم

فازور من وقع القنا بلبانه، ... وشكا إلأى بعبرة وتحمحم

لو كان يدري ما المحاورة اشتكى، ... ولكان

لو علم الكلام

مكلمي

ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قبل الفوارس: ويك عنتر أقدم

والخيل تقتحم الخبار عوابسا، ... من بين شيظمة وأجرد شيظم

ذلل ركاب، حيث شئت مشايعي ... لبي، وأحفزه بأمر مبرم

إني عداني أن أزورك ... فاعلمي

ما قد علمت، وبعض ما لم تعلمي

حالت رماح ابني بغيض دونكم، ... وزوت جواني الحرب من لم يجرم

ولقد خشيت بأن أموت، ولم تدر ... للحرب دائرة على ابني ضمضم

الشاتمي عرضي، ولم أشتمهما ... والناذرين إذا لقيتهما دمي

إن يفعلا، فلقد تركت أباهما ... جزر السباع، وكل نسر قشعم

[الحارث بن حلزة اليشكري]

توفي سنة (٥٢٠) وقيل سنة (٦٥٠) وقيل سنة (٥٨٠) م وسنة (٥٢) قبل الهجرة هو (أبر عبيدة الحارث بن حلزة بن مكروه) من أهل العراق. وينتهي نسبه (يشكر بن بكر بن وائل) وينتهي نسب (وائل) إلى (نزار بن معد بن عدنان) .

وقد شهد (الحارث بن حلزة حرب "البسوس") .

[معلقته وشيء من أخباره وشعره]

كان (الحارث بن حلزة) خبيرا بقرض الشعر ومذاهب الكلام، ومعلقته قد جمعت طائفة من أيام العرب وأخبارها، ووعت ضروبا من المفاخر يقام لها ويقعد. وقد ارتجلها بين يدي (عمرو بن هند) الملك وهو غضبان متوكئ على عنزة أو على قوسه. وقيل "بل كان قد أعدها قبل ذلك". وليس ببعيد عن الصواب. لما سترى من اختلاف الرواية في ذلك.

وسبب هذه المعلقة أن (عمرو بن هند) كان قد جمع (بني تغلب) و (بني بكر) ابني (وائل) عنده وأصلح بينهما بعد حرب (البسوس) . وأخذ من كل حي منهما مئة غلام رهنا، ليكف بعضهم عن بعض. فكان أولئك الرهن يسيرون ويغزون معه. فأصابتهم في بعض مسيرهم ريح سموم. فهلك عامة التغلبيين. وسلم البكريون. فقالت (بنو تغلب) لبني (بكر بن وائل) : "أعطونا ديات أبنائنا، فإن ذلك لازم لكم". فأبت (بكر) . فاجتمعت (تغلب) إلى (عمرو بن كلثوم) - صاحب المعلقة الخامسة - فقال (عمرو) لتغلب: "بمن ترون (بكرا) تعصب أمرها اليوم؟ " قالوا: "بمن عسى إلا برجل من بني ثعلبة". قال (عمرو) : "وأرى الأمر والله سنجلي عن أحمر أصلع أصم من بني يشكر". ثم إن (بكرا) جاءت ومعها (النعمان بن هرم) أحد (بني ثعلبة بن غنم بن يشكر) وهو خطيبها، و (الحارث بن حلزة) وهو شاعرها. وجاءت (بنو تغلب) بفارسها وشاعرها (عمرو بن كلثوم) .

فلما اجتمعوا عند الملك (عمرو بن هند) قال (عمرو بن كلثوم) للنعمان بن هرم: "يا أصم، جاءت بك أولاد (ثعلبة) تناضل عنهم، وقد يفخرون عليك". فقال (النعمان بن هرم) : "وعلى من أظلت السماء يفخرون ولا ينكر عليهم ذلك". قال (عمرو بن كلثوم) : "والله لو أني لطمتك لطمة ماخذوا لك بها". قال: "والله ولو فعلت ما أفلت بها قيس بن أبيك". فغضب (عمرو بن هند) الملك (وكان يؤثر بن تغلب على بني بكر) فقال: "يا نعمان، أيسرك أني أبوك؟ " قال: لا. ولكني وددت أن تكون أمي". فغضب (عمرو بن هند) حتى هم بالنعمان.

<<  <   >  >>